ثم قال (قدِّس سره) (١) ان هذا بناءً على تبعية الاحكام لمصالح فيها في غاية الوضوح ، واما بناءً على تبعيتها للمصالح والمفاسد في المأمور بها والمنهي عنها : فلأن التبعية كذلك انما تكون في الاحكام الواقعية بما هي واقعية لا بما هي فعلية ، فإن المنع عن فعلية تلك الاحكام غير عزيز كما في بعض الاحكام في اول البعثة بل إلى يوم طلوع شمس الهداية. وفي موارد الاصول والامارات على خلافها.
الظاهر ان ما ذكره مبتن على ما بنى عليه في تعليقته على الرسائل (٢) من ان الفرق بين الاحكام الواقعية والفعلية انما يكون بالجعل ، وانه يمكن تعلق الحرمة الواقعية بشيء كالخمر ، وعدم كون حرمتها فعلية حتى بعد وجوده.
ولكنه فاسد وقد رجع هو (قدِّس سره) عن ذلك ، فإن الحكم الواقعي المجعول لا يعقل عدم فعليته بعد وجود موضوعه كما اشبعنا الكلام في ذلك مرارا.
وأجاب عنه المحقق الأصفهاني (ره) (٣) ، بأن تبعية المصلحة للفعل ، تبعية المقتضي للمقتضي لا تبعية المعلول للعلة التامة ، فيمكن ان تكون هناك مفسدة مانعة عن البعث الفعلي ، او ان يكون هناك بعث آخر بالاهم وحينئذٍ فالبعث المطلق له مانع والبعث المعلق على عدم المانع ، لا مانع منه.
وفيه : ان هذا لا يتم في جميع الموارد ، لانه في الاحكام العرفية أيضا احكام مشروطة ، مثل ان يقول المولى لعبده اكرم زيدا ان جاءك ، مع انه لا مانع عن
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٩٨.
(٢) كما قد يظهر من كلامه في درر الفوائد (الجديدة) ص ٧٦ (تذنيب فيه تحقيق).
(٣) نهاية الدراية ج ١ ص ٣٤١.