ولكن الأصلي والتبعي بالمعنى الذي ذكره لهما لا تقابل بينهما.
توضيح ذلك ان الأصلي والتبعي تارة يطلقان بلحاظ مقام الإثبات والدلالة فالمراد ، بالأصلي هو ما كان مقصودا بالإفهام من الخطاب بحيث تكون دلالة الكلام عليه بالمطابقة ، وبالتبعي هو ما لم يكن كذلك بل كانت دلالة الكلام عليه بالتبعية والالتزام ، وهذا التقسيم لا يترتب عليه ثمرة.
وأخرى يطلقان بلحاظ مقام الثبوت ، والاطلاق بلحاظ هذا المقام قد يكون بلحاظ تعلق الالتفات إذ ربما يكون المحبوب ملتفتا إليه مستقلا ، وربما يكون ملتفتا إليه ارتكازا واجمالا بمعنى انه لو التفت إلى موجبها لاراده.
وبهذا المعنى يتصف كل من النفسي والغيري بالأصلي والتبعي ، ولا يختص التقسيم اليهما بالغيري ، مثلا. تارة يعلم المولى بأن ابنه أشرف على الغرق وملتفت إلى ذلك ويأمر عبده بإنقاذه. وأخرى لا يلتفت إليه ويكون وجوب الإنقاذ حينئذ بحكم العقل ، وهذا هو الوجوب النفسي التبعي أي لو التفت إلى موجبه لأوجبه.
وقد يطلقان بلحاظ تعلق الإرادة ، فانه ربما يكون تعلق الإرادة لانه محبوب وفيه مصلحة ، وربما يكون من جهة ترشحها من إرادة متعلقة بشيء آخر ، وبهذا المعنى يختص الأصلي بالواجبات النفسية وهي منحصرة فيه. ويختص التبعي بالغيريَّة.
وبعبارة أخرى يكون هذا التقسيم بعينه التقسيم السابق أي التقسيم إلى النفسية والغيريَّة ، إذ الواجب النفسي ما يكون متعلقا للارادة مستقلا ناشئة عن محبوبيته ، والغيري يكون متعلقا للارادة ، المترشحة من إرادة أخرى ، فوجوب