محالة يتوقف حدوث ضده على ارتفاعه ، نعم على القول الآخر ان لم يكن للضد مقتض ، أو لم يكن شرطه متحققا فعدمه يستند إلى عدم المقتضي أو عدم الشرط ، وان كانا موجودين ومع ذلك لم يوجد كان ذلك مستندا إلى مقتضى الضد الموجود أي مقتضى البقاء المانع من تأثير مقتضى ضده.
فانه يرد عليه : ان المبنى فاسد ، لان سرّ الحاجة في وجود الممكن إلى العلة انما هو إمكانه وفقره الحقيقي ، وفى هذه العلة لا فرق بين الحدوث والبقاء ، بل الحدوث والبقاء شيء واحد ، وهو الوجود والتحقق في عالم الكون ، غاية الأمر ان كان الوجود مسبوقا بالعدم كان هو الحدوث ، وان كان مسبوقا بمثله يعبر عنه بالبقاء ، وان لوحظ ذلك في الموجودات يظهر بداهة ذلك ، ولو فرضنا ان السراج أضيء فما دام يكون متصلا بالقوة الكهربائية أو كان النفط في المنبع أو ما شاكل يكون مضيئا ، ومع انتفاء العلة ينعدم الضوء وهكذا في سائر موارد العلة المعدومة.
واما ما يرى من بقاء جسم موضوع على الأرض ما لم يرفع برافع ، وبقاء العمارات التي بناها البناءون سنين متطاولة ، وبقاء الجبال ، والأحجار ونحوها من الموجودات الطبيعية على سطح الأرض ، فهو ليس من بقاء الموجود بلا علة ، بل العلة للبقاء انما هي خصائص تلك المواد الطبيعية وقوة الجاذبة العامة التي تفرض عليها المحافظة على وضعها ـ وقد صارت عمومية تلك القاعدة في هذه الأيام من الواضحات ـ وقد أودعها الله تعالى في هذه الكرة الأرضية للتحفظ على الكرة وما عليها على وضعها ونظامها الخاص.
فالمتحصل احتياج البقاء إلى المؤثر.