رؤيتهم من رؤيته سبحانه وتعالى (وَسَبِّحْ) ملتبسا (بِحَمْدِ رَبِّكَ) أي : المحسن إليك فأثبت له كل كمال من تنزيهك له عن كل نقص فلا يكون في ملكه ما لا يريد ولا يريد إلا ما هو حكمة بالغة (حِينَ تَقُومُ) قال سعيد بن جبير وعطاء : أي قل حين تقوم من مجلسك : سبحانك اللهم وبحمدك فإن كان المجلس خيرا ازددت إحسانا وإن كان غير ذلك كان كفارة له.
وروى أبو هريرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «من جلس مجلسا وكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه : سبحانك اللهمّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا كان كفارة لما بينهما» (١) أي من الذنوب الصغائر. وقال ابن عباس : معناه صل لله حين تقوم من مقامك وقال الضحاك والربيع : إذا قمت إلى الصلاة فقل سبحانك اللهمّ وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك ، وقال الكلبي : هو ذكر الله تعالى باللسان حتى تقوم من الفراش إلى أن تدخل في الصلاة لما روى عاصم بن حميد قال : سألت عائشة بأيّ شيء كان يفتتح رسول الله صلىاللهعليهوسلم قيام الليل فقالت «كان إذا قام كبر عشرا وحمد الله تعالى عشرا وهلل عشرا واستغفر عشرا ، وقال : اللهمّ اغفر لي واهدني وارزقني وعافني ، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة» (٢) وقيل حين تقوم لأمر ما.
(وَمِنَ اللَّيْلِ) أي : الذي هو محل السكون والراحة (فَسَبِّحْهُ) أي : صلّ له قال مقاتل : يعني صلاة المغرب والعشاء (وَإِدْبارَ النُّجُومِ) أي : صل الركعتين قبل صلاة الفجر وذلك حين تدبر النجوم أي تغيب بضوء الصبح هذا قول أكثر المفسرين وقال الضحاك : هي فريضة صلاة الصبح وهذه الآية نظير قوله تعالى : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) [الروم : ١٧] وقد تقدم الكلام عليها.
قال الرازي : قال تعالى هنا : (وَإِدْبارَ النُّجُومِ) وقال في سورة ق : (وَأَدْبارَ السُّجُودِ) [ق : ٤٠] فيحتمل أن يكون المعنى واحدا والمراد من السجود جمع ساجد والنجوم سجود قال تعالى : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) [الرحمن : ٦] وقيل المراد من النجوم نجوم السماء وقيل النجم ما لا ساق له من النبات قال الله تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [الرعد : ١٥] الآية أو المراد من النجوم الوظائف وكل وظيفة نجم في اللغة أي إذا فرغت من وظائف الصلاة فقل سبحان الله كما مرّ ، وما رواه البيضاوي تبعا للزمخشري من أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «من قرأ سورة والطور كان حقا على الله أن يؤمنه من عذابه وأن ينعمه في جنته» (٣) حديث موضوع.
__________________
(١) أخرجه الترمذي حديث ٣٤٣٣ ، وأحمد في المسند ٢ / ٤٩٤.
(٢) أخرجه ابن ماجه حديث ١٣٥٦ ، وأحمد في المسند ٦ / ١٤٣.
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف ٤ / ٤١٧.