والشرط : القطع أيضا ، مصدر شرط الجلد يشرطه شرطا قال السهيلي عن ابن سعد عن أنس قال «رأيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال بأصبعيه هكذا بالوسطى والتي تلي الإبهام بعثت والساعة كهاتين» (١) وعن أنس قال : «لأحدّثنكم بحديث سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : أنّ من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويكثر الجهل ، ويكثر الربا ، ويشرب الخمر ، وتقل الرجال ، وتكثر النساء ، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد» (٢) وعن أبي هريرة قال : «بينما النبيّ صلىاللهعليهوسلم في مجلس يحدث القوم إذ جاءه أعرابي ، فقال : متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحدث ، فقال بعض القوم : سمع ما قال فكره ما قال وقال بعضهم : لم يسمع حتى إذا قضى حديثه ، قال : أين السائل عن الساعة؟ قال : ها أنا يا رسول الله قال : إذا ضيعت الأمانة ، فانتظر الساعة فقيل : كيف إضاعتها قال : إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظروا الساعة» (٣).
ومن أشراطها انشقاق القمر المؤذن بآية الشمس في طلوعها من مغربها ، وغير ذلك وما بعد مقدّمات الشيء إلا حضوره.
(فَأَنَّى) أي : فكيف وأين (لَهُمْ) أي التذكر والاتعاظ والتوبة (إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ) أي : الساعة لا تنفعهم. نظيره قوله تعالى (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) [الفجر : ٢٣] ولما علم بذلك أنّ الذكرى غير نافعة إذا انقضت هذه الدار التي جعلت للعمل ، أو جاءت الأشراط المحققة الكاشفة لها ، سبب عنه أمر أعظم الخلق تكوينا ليكون لغيره تكليفا فقال :
(فَاعْلَمْ أَنَّهُ) أي : الشأن العظيم (لا إِلهَ) أي : لا معبود بحق (إِلَّا اللهُ) أي : إذا علمت سعادة المؤمنين وشقاوة الكافرين ، فاثبت على ما أنت عليه من العلم بالوحدانية ، فإنه النافع يوم القيامة وقيل : الخطاب مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم والمراد غيره وقال الحسن بن الفضل : فازدد علما إلى علمك وقال أبو العالية وابن عيينة معناه إذا جاءتهم الساعة ، فاعلم أنه لا ملجأ ولا مفزع عند قيامها إلا إلى الله ، (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) أي : لأجله ، أمر بذلك مع عصمته لتستن به أمته وقد فعله قال صلىاللهعليهوسلم «إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة» (٤) وقيل : معنى قوله (لِذَنْبِكَ) أي : لذنب أهل بيتك وللمؤمنين والمؤمنات الذين ليسوا من أمتك بأهل بيت وقيل : المراد النبيّ ، والذنب هو ترك الأفضل الذي هو بالنسبة إليه ذنب وحسناتنا دون ذلك قال صلىاللهعليهوسلم : «إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة» (٥) وقيل : هو كل مقام عال ارتفع منه إلى أعلى منه. وقوله تعالى : (وَلِلْمُؤْمِنِينَ
__________________
(١) أخرجه البخاري في الطلاق حديث ٥٣٠١ ، ومسلم في الفتن حديث ٢٩٥٠ ، والترمذي في الفتن حديث ٢٢١٤ ، والنسائي في العيدين حديث ١٥٧٨ ، وابن ماجه في الفتن حديث ٤٠٤٠ ، والدارمي في الرقائق حديث ٢٧٥٩.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٣ / ١٧٦ ، ٢٠٢ ، ٢١٣ ، ٢٧٣ ، والتبريزي في مشكاة المصابيح ٥٤٣٧ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ٣٨٤٢٤ ، ٣٨٥٢١ ، ٣٨٥٧٤.
(٣) أخرجه البخاري حديث ٥٩ ، ٦٤٩٦.
(٤) أخرجه بهذا اللفظ أحمد في المسند ٥ / ٣٩٤ ، وأخرجه بلفظ : «إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» البخاري في الدعوات حديث ٦٣٠٧ ، ومسلم في الذكر حديث ٢٧٠٢ ، والترمذي في تفسير القرآن حديث ٣٢٥٩ ، وابن ماجه حديث ٣٨١٦ ، وأحمد في المسند ٢ / ٤٥٠.
(٥) أخرجه مسلم في الذكر حديث ٦٣٠٧ ، وأبو داود في الصلاة حديث ١٥١٥.