بإنزال هذا القرآن الذي جبلك على متابعته فصرت مظهرا له وصار خلقا لك فصار إحسانه إليك فوق الوصف ؛ وقيل : لفظ اسم زائد وجرى عليه الجلال المحلي والأوّل أولى.
(ذِي الْجَلالِ) أي : العظمة الباهرة (وَالْإِكْرامِ) قال القرطبي : كأنه يريد به الاسم الذي افتتح به السورة ، فقال : (الرَّحْمنِ) فافتتح بهذا الاسم فوصف خلق الإنسان والجنّ ، وخلق السموات والأرض وصنعه ؛ وأنه تعالى كل يوم هو في شأن ، ووصف تدبيره فيهم ؛ ثم وصف يوم القيامة ، وأهوالها ، وصفة النار ، ثم ختمها بصفة الجنان.
ثم قال في آخر الصفة (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) أي : هذا لاسم الذي افتتح به هذه السورة ، كأنه يعلمهم أنّ هذا كله خرج لكم من رحمتي ، فمن رحمتي خلقتكم ، وخلقت لكم السماء والأرض والخليقة والجنة والنار فهذا كله لكم من اسم الرحمن فمدح اسمه فقال تعالى : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) أي : جليل في ذاته كريم في أفعاله وقرأ ابن عامر : بالواو رفعا صفة للاسم والباقون بالياء خفضا صفة لرب ، فإنه هو الموصوف بذلك. روى الثعلبي عن علي أنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «لكل شيء عروس وعروس القرآن سورة الرحمن جلّ ذكره» (١). وما رواه البيضاوي تبعا للزمخشري : من أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «من قرأ سورة الرحمن أدى شكر ما أنعم الله عليه» (٢) حديث موضوع.
__________________
(١) أخرجه التبريزي في مشكاة المصابيح ٢١٨٠ ، والسيوطي في الدر المنثور ٦ / ١٤٠ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ٢٦٣٨ ، والقرطبي في تفسيره ١٧ / ١٥١.
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف ٤ / ٤٥٣.