الله عنه يرفعه في قوله تعالى (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) قال : هن العجائز العمش الرمص كنّ في الدنيا عمشا رمصا. وعن المسيب بن شريك عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم في قوله تعالى : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) قال : «هن عجائز الدنيا أنشأهن الله تعالى خلقا جديدا كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا» فلما سمعت عائشة رضى الله عنها ذلك قالت واوجعاه فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ليس هناك وجع» (١). وعن الحسن رضى الله عنه قال : أتت عجوز النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقالت : يا رسول الله ادع الله تعالى أن يدخلني الجنة فقال : «يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز ، قال : فولت تبكي ، فقال : أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله تعالى يقول إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً» (٢) (فَجَعَلْناهُنَ) أي : الفرش المنشآت وغيرهن بعظمتنا المحيطة بكل شيء (أَبْكاراً) أي عذارى كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن عذارى ولا وجع ؛ وذكر المسيب عن غيره : أنهن فضلن على الحور العين بصلاتهن في الدنيا ؛ وقال مقاتل وغيره : هن الحور العين أنشأهن الله تعالى لم تقع عليهن الولادة وقوله تعالى : (عُرُباً) جمع عروب كصبور وصبر وهي الغنجة المحببة إلى زوجها ، وقال الرازي في اللوامع : فطنة بمراد الزواج كفطنة العرب ؛ وقيل : الحسناء ؛ وقيل : المحسنة لكلامها ؛ وقال ابن عباس رضي الله عنهما : هن العواتق. وأنشدوا (٣) :
وفي الخباء عروب غير فاحشة |
|
ريا الروادف يعشى دونها البصر |
وقرأ حمزة وشعبة : بسكون الراء والباقون بضمها كرسل ورسل وفرش وفرش وقوله تعالى : (أَتْراباً) جمع ترب ، وهو المساوي لك في سنك لأنه يمس جلدهما التراب في وقت واحد ، وهو آكد في الائتلاف ، وهو من الأسماء التي لا تتعرّف بالإضافة ، لأنه في معنى الصفة إذ معناه مساويك ، ومثله : خدنك لأنه بمعنى مصاحبك ؛ قال القرطبي : سن واحد وهو ثلاث وثلاثون سنة ؛ يقال في النساء : أتراب ، وفي الرجال : أقران ؛ وكانت العرب تميل إلى من جاوزت حدّ الفتى من النساء ، وانحطت عن الكبر ؛ وقال مجاهد : الأتراب الأمثال والأشكال. وقال السدّي : أتراب في الأخلاق لا تباغض فيهن ولا تحاسد ، وروى أبو هريرة رضى الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا محجلين أبناء ثلاثين أو قال ثلاثا وثلاثين على خلق آدم عليهالسلام ستون ذراعا في سبعة أذرع» (٤). وروي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «من مات من أهل الجنة من صغير وكبير يردون بني ثلاثين سنة في الجنة لا يزيدون عليها أبدا وكذلك أهل النار» (٥). وعن أبي سعيد الخدري : عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أدنى أهل الجنة الذي له ثمانون ألف خادم ، واثنان وسبعون ألف زوجة ، وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية وصنعاء ، ينظر وجهه في خدّها أصفى من المرآة وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب ، وأنه ليكون عليها سبعون ثوبا ينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك» (٦). وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن
__________________
(١) أخرجه القرطبي في تفسيره ١٧ / ٢١١.
(٢) أخرجه ابن كثير في تفسيره ٨ / ٩ ، والبغوي في تفسيره ٧ / ١٩.
(٣) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٢٩٥ ، ٥ / ٢٤٣ ، والترمذي حديث ٢٥٤٦.
(٥) أخرجه البغوي في تفسيره ٤ / ١٩ ، وابن المبارك في الزهد ٢ / ١٢٨ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ٣٩٣٤٤.
(٦) أخرجه الترمذي حديث ٢٥٦٢ ، وابن كثير في تفسيره ٧ / ٤٨٤ ، والبغوي في تفسيره ٧ / ١٩.