للاستمتاع الذي هو في الغاية من الامتهان والأمّ في غاية البعد عن ذلك.
فإن قيل : المظاهر إنما قال : أنت عليّ كظهر أمي فشبه بأمه ولم يقل أنها أمّه فما معنى أنه منكر من القول وزور والزور الكذب وهذا ليس بكذب.
أجيب : بأنّ قوله هذا إن كان خبرا فهو كذب وإن كان إنشاء فهو كذلك لأنه جعله سببا للتحريم والشرع لم يجعله سببا لذلك ، وأيضا فإنما وصف بذلك لأنّ الأم مؤبدة التحريم والزوجة لا يتأبد تحريمها بالظهار فهو زور محض.
فإن قيل : قوله تعالى : (إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ) يقتضي أن لا أمّ إلا الوالدة وهذا مشكل بقوله تعالى : (وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) [النساء : ٢٣] وقوله تعالى : (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) [الأحزاب : ٦].
أجيب : بأنّ الشارع ألحقهنّ بالوالدات لما مر (وَإِنَّ اللهَ) أي : الملك الأعظم الذي لا أمر لأحد معه في شرع ولا غيره (لَعَفُوٌّ) أي : من صفاته أن يترك عقاب من شاء (غَفُورٌ) أي : من صفاته أن يمحو عين الذنب وأثره.
ثم بين أحكام الظهار بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) والعود في ظهار غير مؤقت من غير رجعية أن يمسكها بعد ظهاره مع علمه بوجود الصفة في المعلق زمن إمكان فرقة ولم يفارق ، لأن العود للقول مخالفته ، يقال : قال فلان قولا ثم عاد له وعاد فيه أي : خالفه ونقضه ، وهو قريب من قولهم عاد في هبته ، ومقصود الظهار وصف المرأة بالتحريم وإمساكها يخالفه ، فلو اتصل بظهاره جنونه أو إغماؤه أو فرقة بموت أو فسخ من أحدهما بمقتضيه كعيب بأحدهما أو بطلاق بائن أو رجعي ولم يراجع فلا عود ، والعود في ظهار غير مؤقت من رجعية سواء أطلقها عقب الظهار أم قبله أن يراجع.
ولو ارتد متصلا بالظهار بعد الدخول ثم أسلم في العدّة فلا عود بالإسلام بل بعده ، والفرق أنّ الرجعة إمساك في ذلك النكاح والإسلام بعد الردّة تبديل للدّين الباطل بالحق والحّل تابع له فلا يحصل به إمساك وإنما يحصل بعده فالعود في ظهار مؤقت يحصل بتغييب حشفة أو قدرها من فاقدها في المدّة ويجب في العود به وإن حلّ نزع لما غيبه ، كما لو قال : إن وطأتك فأنت طالق لحرمة الوطء قبل التكفير كما سيأتي وانقضاء المدة واستمرار الوطء وطء ولما كان المبتدأ الموصول يتضمن معنى الشرط أدخل الفاء في خبره ليفيد السببية فيتكرّر الوجوب بتكرير سببه فقال عز من قائل : (فَتَحْرِيرُ) أي : فعليهم بسبب هذا الظهار والعود تحرير (رَقَبَةٍ) مؤمنة فلا تجزىء كافرة قال تعالى في كفارة القتل : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) [النساء : ٩٢] وألحق بها غيرها قياسا عليها بجامع حرمة سببيهما من القتل والظهار أو حملا للمطلق على المقيد كما في حمل المطلق في قوله تعالى : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) [البقرة : ٢٨٢] على المقيد في قوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق : ٢] بلا عوض وبلا عيب يخل بعمل فيجزئ صغير ولو ابن يوم وأقرع وأعرج يمكنه تباع مشي بأن يكون عرجه غير شديد وأعور لم يضعف عوره بصر عينه السليمة ضعفا يخل بالعمل وأصم وأخرس يفهم الإشارة وتفهم عنه وأخشم وفاقد أنفه وأذنيه وأصابع رجليه لا فاقد رجل أو خنصر وبنصر من يد أو أنملتين من كلّ منهما أو فاقد أنملتين من أصبع غيرهما أو فاقد أنملة إبهام لإخلال كل من الصفات المذكورة بالعمل.
ولا يجزىء مريض لا يرجى برؤه ولم يبرأ كيد شلاء وهرم بخلاف من يرجى برؤه ومن لا