يرجى برؤه إذا برىء ، ولا مجنون إفاقته أقلّ من جنونه تغليبا للأكثر ، ويجزي معلق عتقه بصفة بأن ينجز عتقه بنية الكفارة أو معلقه كذلك بصفة أخرى وتوجد قبل الأولى ، ويجزئ نصفا رقبتين أعتقهما عن كفارة باقيهما أو في أحدهما كما استظهره بعضهم ، ويجزئ إعتاق رقبتيه عن كفارتيه لا جعل العتق المعلق كفارة عند وجود الصفة ولا مستحق عتق كأم ولد وصحيح كتابة (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) أي : يتجدّد بينهما مس روى أبو داود وغيره «أنه صلىاللهعليهوسلم قال لرجل ظاهر من امرأته وواقعها : لا تقربها حتى تكفّر» (١). وكالتكفير مضي مدة المؤقت لانتهائه بها وحمل التماس هنا لشبه الظهار بالحيض على التمتع بما بين السرّة والركبة ومن حمله على الوطء ألحق به التمتع بغيره فيما بينهما ، ولو ظاهر من أربع بكلمة كأنتن كظهر أمي فإن أمسكهنّ فأربع كفارات لوجود سببها أو ظاهر منهنّ بأربع كلمات ولو متوالية فعائد من غير أخيرة ، ولو كرر في امرأة متصلا تعدد الظهار إن قصد استئنافا ويصير المظاهر بالاستئناف عائدا (ذلِكُمْ) أي : ذلك الحكم بالكفارة (تُوعَظُونَ بِهِ) أي : أن غلظ الكفارة وعظ لكم حتى تتركوا الظهار ولا تعاودوه (وَاللهُ) أي : الذي له الإحاطة بالكمال (بِما تَعْمَلُونَ) أي : تجدّدون فعله (خَبِيرٌ) أي : عالم بظاهره وباطنه فهو عالم بما يكفره فافعلوا بما أمر به وقفوا عند حدوده ، وإنما يلزم الإعتاق عن الكفارة من ملك رقيقا أو ثمنه فاضلا عن كفاية ممونة من نفسه وغيره.
قال الرافعي : وسكتوا عن تقدير مدة ذلك ويجوز أن تقدر بالعمر الغالب وأن تقدّر بسنة ا. ه. والذي عليه الجمهور هو : الأوّل ولا يلزمه بيع عقار ورأس تجارة وماشية لا يفضل دخلها عن غلة العقار وربح مال التجارة وفوائد الماشية من نتاج وغيره عن كفاية ممونة ولا بيع مسكن ورقيق نفيسين ألفهما ولا يلزمه شراء بغبن.
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) أي : الرقبة بأن عجز المكفر عن الإعتاق حسا أو شرعا وقت أداء الكفارة (فَصِيامُ) أي : فعليه صيام (شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) عن كفارته فالرقيق لا يكفر إلا بالصوم لأنه معسر لا يملك شيئا وليس لسيده منعه من الصوم إن ضره ، وإنما اعتبر العجز وقت الأداء لا وقت الوجوب قياسا على سائر العبادات.
ولو ابتدأ الصوم ثم وجد الرقبة لم يلزمه الانتقال عنه ، لأنه أمر به حيث دخل فيه ، وقال أبو حنيفة : يعتق قياسا على الصغيرة المعتدة بالشهور إذا رأت الدم قبل انقضاء عدّتها فإنها تستأنف الحيض إجماعا ويكفيه نية صوم الكفارة ، وإن لم ينو الولاء ، فإن انكسر الشهر الأول أتمه من الثالث ثلاثين لتعذر الرجوع فيه إلى الهلال.
وينقطع التتابع بفوات يوم ولو بعذر كمرض أو سفر فيجب الاستئناف ولو كان الفائت اليوم الأخير أو اليوم الذي نسيت النية له بخلاف ما إذا فات بجنون أو إغماء مستغرق لمنافاة ذلك الصوم (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) كما مرّ في العتق ، فإن جامع ليلا عصى ولم ينقطع التتابع لأنه ليس محلا للصوم بخلافه نهارا وقال أبو حنيفة ومالك : يبطل بكلّ حال ويجب عليه ابتداء الكفارة لقوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا.)
(فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) بأن عجز عن صوم أو لا لمرض يدوم شهرين بالظنّ المستفاد من العادة
__________________
(١) أخرجه أبو داود في الطلاق حديث ٢٢٢١ ، وابن ماجه ، في الطلاق حديث ٢٠٦٥.