وقراءة ، والمراد بالقضاة غير قضاة العسكر أمّا قضاته وهم الذين يحكمون لأهل الفيء في مغزاهم فيرزقون من الأخماس الأربعة لا من خمس الخمس ، يقدّم وجوبا الأهمّ فالأهمّ. وأمّا الأربعة المذكورة معه صلىاللهعليهوسلم فأولها المذكور في قوله تعالى : (وَلِذِي الْقُرْبى) أي : منه ، وهم مؤمنو بني هاشم وبني المطلب لاقتصاره صلىاللهعليهوسلم في القسم عليهم مع سؤال غيرهم من بني عميهم نوفل وعبد شمس له ، ولقوله صلىاللهعليهوسلم «أما بنو هاشم وبنو المطلب فشيء واحد ، وشبك بين أصابعه» (١) فيعطون ولو أغنياء لأنه صلىاللهعليهوسلم أعطى العباس وكان غنيا ، ويفضل الذكر على الأنثى كالإرث فله سهمان ولها سهم ، لأنه عطية من الله تعالى يستحق بقرابة الأب كالإرث سواء الكبير والصغير ، والعبرة بالانتساب إلى الآباء فلا يعطى أولاد البنات من بني هاشم والمطلب شيئا لأنه صلىاللهعليهوسلم لم يعط الزبير وعثمان مع أن أم كل منهما كانت هاشمية.
وقرأ حمزة والكسائي بالإمالة محضة ، وورش بالفتح وبين اللفظين ، وأبو عمرو بين بين ، والباقون بالفتح ، وخالفهم أبو عمرو في واليتامى. ثانيها : المذكور في قوله تعالى : (وَالْيَتامى) أي : الفقراء منا لأن لفظ اليتيم يشعر بالحاجة لأنه مال أو نحوه أخذ من الكفار فاختص كسهم المصالح ، واليتيم صغير ولو أنثى لخبر «لا يتم بعد احتلام» (٢) رواه أبو داود وحسنه النووي وإن ضعفه غيره لا أب له ، وإن كان له أمّ. وحد اليتيم في البهائم من فقد أمّه ، وفي الطير من فقد أباه وأمّه ، ومن فقد أمّه فقط من الآدميين يقال له : منقطع. ثالثها : المذكور في قوله تعالى : (وَالْمَساكِينِ) الصادقين بالفقراء ، وهم أهل الحاجة منا وتقدّم تعريفهما في سورة الأنفال ، وكذا تعريف الرابع المذكور في قوله تعالى : (وَابْنِ السَّبِيلِ) أي : الطريق الفقير منا ذكورا كانوا أو إناثا ، ولو اجتمع في واحد من هذه الأصناف يتم ومسكنة أعطي باليتم فقط ، لأنه وصف لازم والمسكنة زائلة ، وللإمام التسوية والتفضيل بحسب الحاجة ويعم الإمام ولو بنائبه الأصناف الأربعة الأخيرة بالإعطاء وجوبا لعموم الآية فلا يخص الحاضر بموضع حصول الفيء ، ولا من في كل ناحية منهم بالحاصل فيها نعم لو كان الحاصل لا يسد مسدّا بالتعميم قدم الأحوج فالأحوج ، ولا يعمّ للضرورة.
ومن فقد من الأربعة صرف نصيبه للباقين منهم ، وأمّا الأخماس الأربعة فهي للمرتزقة ، وهم المرصدون للجهاد بتعيين الإمام لهم بعمل الأولين به بخلاف المتطوّعة فلا يعطون من الفيء بل من الزكاة عكس المرتزقة ، ويشرك المرتزقة قضاتهم كما مرّ وأئمتهم ومؤذنوهم وعمالهم ، ويجب على الإمام أن يعطي كل من المرتزقة بقدر حاجة ممونه من نفسه ، وغيرها كزوجاته ليتفرّغ للجهاد ويراعي في الحاجة الزمان والمكان والرخص والغلاء ، وعادة الشخص مروأة وضدّها ويزادان زادت حاجته بزيادة ولد ، أو حدوث زوجة فأكثر ومن لا عبد له يعطى من العبيد ما يحتاجه للقتال معه ، أو لخدمته إن كان ممن يخدم ، ويعطى مؤنته.
ومن يقاتل فارسا ولا فرس له يعطى من الخيل ما يحتاجه للقتال ، ويعطى مؤنته بخلاف
__________________
(١) أخرجه النسائي في قسم الفيء حديث ٤١٣٧.
(٢) أخرجه أبو داود في الوصايا حديث ٢٨٧٣ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٧ / ٥٧ ، ٣٢٠ ، والسيوطي في الدر المنثور ١ / ٢٨٨ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ١٥٠٥٤.