يُشْرِكُونَ) أي : من هذه المخلوقات من الأصنام وغيرها مما في الأرض ، أو في السماء من صغير وكبير وجليل وحقير.
(هُوَ) أي : الذي لا شيء يستحق أن يطلق عليه هذا الضمير غيره لأنّ وجوده من ذاته ، ولا شيء غيره إلا وهو ممكن. ولما ابتدأ بهذا الغيب المحض الذي هو أظهر الأشياء أخبر عنه بأشهر الأشياء الذي لم يقع فيه شركة بوجه. فقال تعالى : (اللهُ) أي : الذي ليس له سميّ فلا كفء له فهو المعبود بالحق فلا شريك له بوجه (الْخالِقُ) أي : المقدر للأشياء على مقتضى حكمته (الْبارِئُ) أي : المخترع المنشئ للأشياء من العدم إلى الوجود بريأ من التفاوت وقوله تعالى : (الْمُصَوِّرُ) أي : الذي يخلق صور الأشياء على ما يريد بكسر الواو ورفع الراء إما صفة ، وإمّا خبر واحترزت بهذا الضبط عن قراءة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والحسن فإنهما قرآ بفتح الواو ونصب الراء ، وهي قراءة شاذة وإنما تعرّضت لها لأبين وجهها ، وهو أن تخرّج هذه القراءة على أن يكون المصور منصوبا بالبارئ ، والمصوّر هو الإنسان إمّا آدم وإما هو وبنوه وعلى هذه القراءة يحرم الوقف على المصوّر بل يجب الوصل ليظهر النصب في الراء ، وإلا فقد يتوهم منه في الوقف ما لا يجوز (اللهُ) أي : خاصة (الْأَسْماءُ الْحُسْنى) التسعة والتسعون الوارد فيها الحديث ، وقد ذكرتها في سورة الإسراء. والحسنى تأنيث الأحسن (يُسَبِّحُ) أي : يكرّر التنزيه الأعظم عن كل شيء من شوائب النقص على سبيل التجدّد والاستمرار (اللهُ) أي : على وجه التخصيص (ما فِي السَّماواتِ) أي السموات وما فيها (وَالْأَرْضِ) وما فيها (وَهُوَ) أي : والحال أنه وحده (الْعَزِيزُ) أي : الذي يغلب كل شيء ولا يغلبه شيء (الْحَكِيمُ) أي : الجامع الكمالات بأسرها فإنها راجعة إلى الكمال في القدرة والعلم. وعن معقل بن يسار أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ الثلاث آيات من سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي ، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا ، ومن قاله حين يمسي كان كذلك» (١). أخرجه الترمذي ، وقال : حسن غريب. وعن أبي هريرة أنه قال : «سألت خليلي أبا القاسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن اسم الله الأعظم فقال : عليك بآخر سورة الحشر فأكثر قراءتها فأعدت عليه فأعاد علي» (٢) وقال جابر بن زيد : إنّ اسم الله الأعظم هو الله لمكان هذه الآية. وما رواه البيضاوي تبعا للزمخشري من أنه صلىاللهعليهوسلم قال «من قرأ سورة الحشر غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر» (٣) حديث موضوع.
__________________
(١) أخرجه الترمذي في فضائل القرآن حديث ٢٩٢٢.
(٢) أخرجه القرطبي في تفسيره ١٨ / ٤٩.
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف ٤ / ٥٠٩.