المؤذنين ثلاثة. قال ابن عادل : فكان وهما ، ثم جمعوهم في وقت واحد فكان وهما على وهم.
واختلفوا في تسمية هذا اليوم جمعة فمنهم من قال : لأن الله تعالى جمع فيه خلق آدم عليه الصلاة والسلام. روى مالك عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم عليه الصلاة والسلام ، وفيه أهبط ، وفيه مات وفيه تاب الله عليه ، وفيه تقوم الساعة ، وهو عند الله يوم المزيد» (١) وروي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «أتاني جبريل وفي كفه مرآة بيضاء ، وقال : هذه الجمعة يعرضها عليك ربك لتكون لك عيدا ولأمتك من بعدك ، وهو سيد الأيام عندنا ، ونحن ندعوه في الآخرة يوم المزيد» (٢) ومنهم من قال : لأن الله تعالى فرغ من خلق الأشياء فاجتمعت فيه المخلوقات ، ومنهم من قال : لاجتماع الجماعات فيه للصلاة ، وقيل : أول من سمى هذا اليوم جمعة كعب بن لؤي.
قال أبو سلمة : أول من قال أما بعد : كعب بن لؤي ، وكان أول من سمى الجمعة جمعة ، وكان يقول له : يوم العروبة. وعن ابن سيرين قال : جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقبل أن تنزل الجمعة وهم الذين سموها الجمعة. وقيل : إن الأنصار قالوا لليهود يوم يجتمعون فيه كل سبعة أيام وللنصارى مثل ذلك ، فهلموا نجعل لنا يوما نجتمع فيه فنذكر الله تعالى فيه ونصلي ، فقالوا : يوم السبت لليهود ، ويوم الأحد للنصارى فاجعلوه يوم العروبة فاجتمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ ركعتين ، وذكرهم فسموه يوم الجمعة لاجتماعهم فيه ، ثم أنزل الله تعالى آية الجمعة فهي أول جمعة كانت في الإسلام.
وروي عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه كعب أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة ، فقلت له : إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة ، قال : لأنه أول من جمع بنا في هزم النبت من حرة بني بياضة في بقيع يقال له : بقيع الخضمات ، قلت له : كم كنتم يومئذ ، قال : أربعين» (٣) أخرجه أبو داوود.
وأما أول جمعة جمعها النبي صلىاللهعليهوسلم بأصحابه ، فقال أهل السير : لما قدم النبي صلىاللهعليهوسلم مهاجرا نزل قباء على بني عمرو بن عوف يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ، حين اشتد الضحى ومن تلك السنة يعد التاريخ ، فأقام بها إلى يوم الخميس وأسس مسجدهم ، ثم خرج يوم الجمعة عامدا المدينة ، فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم قد اتخذ القوم في ذلك الموضع مسجدا ، فجمع بهم وخطب وهي أول خطبة خطبها بالمدينة. وقال فيها : «الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره ، وأستهديه وأؤمن به ولا أكفره ، وأعادي من يكفر به ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ، والنور والموعظة ، والحكمة على فترة من الرسل ، وقلة من العلم ،
__________________
(١) تقدم الحديث مع تخريجه.
(٢) أخرجه بنحوه ابن أبي شيبة في المصنف ٢ / ١٥٠ ، والطبري في تفسيره ٢٦ / ٢٠٩ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ١٠ / ٤٢١ ، والمنذري في الترغيب والترهيب ٤ / ٥٥٣ ، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين ٣ / ٢١٥ ، والمتقي الهندي في كنز العمال ٢١٠٦٣.
(٣) أخرجه أبو داود في الصلاة حديث ١٠٦٩.