أَصْبَحَ ماؤُكُمْ) أي : الذي تعدّونه في أيديكم بما نبهت عليه الإضافة (غَوْراً) أي : غائرا ذاهبا في الأرض لا تناله الدلاء وكان ماؤهم من بئرين بئر زمزم وبئر ميمونة (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ) على ضعفكم حينئذ وانخلاع قلوبكم واضطراب أفكاركم (بِماءٍ مَعِينٍ ،) أي : دائم لا ينقطع وظاهر للأعين سهل المأخذ ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : بماء معين أي : ظاهر تراه العيون فهو مفعول. وقيل : هو من معن الماء ، أي : كثر فهو على هذا فعيل ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا أن المعنى : فمن يأتيكم بماء عذب أي : لا يأتيكم به إلا الله فكيف تنكرون أن يبعثكم؟!
ويستحب أن يقول القارىء عقب معين : الله رب العالمين ، كما في الحديث. وتليت هذه الآية عند بعض المتجبرين فقال : تأتي به الفؤوس والمعاول ، فذهب ماء عينيه وعمي نعوذ بالله من الجراءة على الله وعلى آياته ، وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل يوم القيامة فأخرجته من النار وأدخلته الجنة وهي سورة تبارك» (١). وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : «إذا وضع الميت في قبره يؤتى من قبل رجليه فيقال : ليس لكم عليه سبيل لأنه قد كان يقوم بسورة الملك ثم يؤتى من قبل رأسه فيقول لسانه ليس لكم عليه سبيل كان يقرأ بي سورة الملك ثم قال : هي المانعة من عذاب الله ، وهي في التوراة سورة الملك من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطيب» (٢). وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وددت أن تبارك الملك في قلب كل مؤمن» (٣). وأما ما رواه البيضاوي تبعا للزمخشري من أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «من قرأ سورة الملك فكأنما أحيا ليلة القدر» (٤) فحديث موضوع.
__________________
(١) أخرجه أبو داود في الصلاة حديث ١٤٠٠ ، والترمذي في فضائل القرآن حديث ٢٨٩١ ، وابن ماجه في الأدب حديث ٣٧٨٦.
(٢) أخرجه القرطبي في تفسيره ١٨ / ٢٠٥.
(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك ١ / ٧٥٣ ، والقرطبي في تفسيره ١٨ / ٢٠٥.
(٤) ذكره الزمخشري في الكشاف ٤ / ٥٨٨.