فقال مقاتل : يعني الوليد بن المغيرة عرض على النبي صلىاللهعليهوسلم مالا وحلف له أن يعطيه إن رجع عن دينه ، وقال ابن عباس : هو أبو جهل بن هشام. وقال عطاء : هو الأخنس بن شريق ؛ لأنه حليف ملحق في بني زهرة فلذلك سمي زنيما ، وقال مجاهد : هو الأسود بن عبد يغوث. (مَهِينٍ ،) أي : ضعيف حقير. قيل : هو فعيل من المهانة وهي قلة الرأي والتمييز. وقال ابن عباس : كذاب وهو قريب من الأول ، لأن الإنسان إنما يكذب لمهانة نفسه عليه. وقال الحسن وقتادة : هو المكار في الشر ، وقال الكلبي : المهين العاجز.
(هَمَّازٍ) أي : كثير العيب للناس في غيبتهم. وقال الحسن : هو الذي يغمز بأخيه في المجلس. وقال ابن زيد : الهماز الذي يهمز الناس بيده ويضربهم ، واللماز باللسان. وقيل : الهماز الذي يذكر الناس في وجوههم ، واللماز الذي يذكرهم في غيبتهم وقال مقاتل : بالعكس ، وقال مرّة : هما سواء ، ونحوه عن ابن عباس وقتادة. (مَشَّاءٍ) أي : كثير المشي (بِنَمِيمٍ) أي : فتان يلقي النميمة بين الناس ليفسد بينهم فينقل ما قاله الإنسان في آخر ، وإذاعة سر لا يريد صاحبه إظهاره على وجه الإفساد البين مبالغ في ذلك.
(مَنَّاعٍ) أي : كثير المنع شديده (لِلْخَيْرِ) أي : كل خير من المال والإيمان وغيرهما من نفسه وغيره من الدين والدنيا ، وقال ابن عباس : مناع للخير ، أي : الإسلام يمنع ولده وعشيرته من الإسلام وكان له عشرة من الولد يقول : لئن دخل أحد منكم في دين محمد لا أنفعه بشيء أبدا. (مُعْتَدٍ) أي : ثابت التجاوز للحدود في كل ذلك (أَثِيمٍ ،) أي : مبالغ في ارتكاب ما يوجب الإثم فيترك الطيبات ، ويأخذ الخبائث يرغب في المعاصي ويتطلبها ويدع الطاعات ويزهد فيها.
(عُتُلٍ) العتلّ : الغليظ الجافي. وقال الحسن : هو الفاحش الخلق السيء الخلق. وقال الفراء : هو الشديد الخصومة في الباطل. وقال الكلبي : هو الشديد في كفره ، وكل شديد عند العرب عتلّ وأصله من العتل وهو الدفع بالعنف ، وقال أبو عبيدة بن عمير : العتل : الأكول الشروب القوي الشديد الذي لا يزن في الميزان شعيرة ، يدفع الملك من أولئك سبعين ألفا دفعة واحدة (بَعْدَ ذلِكَ) أي : مع ذلك ، يريد مع ما وصفناه به. (زَنِيمٍ) وهو الدعي الملصق بالقوم وليس منهم ، وقال عطاء عن ابن عباس : يريد مع هذا هو دعي في قريش ، وقال مرّة الهمداني : إنما ادعاه أبوه بعد ثماني عشر سنة ، وقيل : الزنيم الذي له زنمة كزنمة الشاة. وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال : في هذه الآية نعت ، فلم يعرف حتى قيل : زنيم فعرف وكانت زنمة في عنقه يعرف بها. وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها. وقال مجاهد : زنيم كانت له ستة أصابع في يده في كل إبهام له إصبع زائدة ، وقال ابن قتيبة : لا نعلم أن الله تعالى وصف أحدا ولا ذكر من عيوبه ما ذكر من عيوب الوليد بن المغيرة ، فألحق به عارا لا يفارقه في الدنيا والآخرة.
وعن حارثة بن وهب الخزاعي قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف لو يقسم على الله لأبره ، ألا أخبركم بأهل النار كل عتل جواظ مستكبر» (١). وفي
__________________
(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٦٨ ، باب ١ ، والأيمان باب ٩ (حديث ٦٦٥٧) ، ومسلم في الجنة حديث ٢٨٥٣ ، والترمذي في جهنم باب ١٣ ، وابن ماجه في الزهد باب ٤ ، وأحمد في المسند ٢ / ١٦٩ ، ٢١٤ ، ٣ / ١٤٥ ، ٤ / ١٧٥ ، ٣٠٦.