القانتين. وقال سعيد : خمسين آية. قال القرطبي : قول كعب أصح لقوله صلىاللهعليهوسلم : «من قام بعشر آيات من القرآن لم يكتب من الغافلين ، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين» (١) خرجه أبو داود والطيالسي. وروى أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من قرأ خمسين آية في يوم أو في ليلة لم يكتب من الغافلين ، ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين ، ومن قرأ مائتي آية لم يحاجه القرآن يوم القيامة ، ومن قرأ خمسمائة آية كتب له قنطار من الأجر» (٢) فقوله من المقنطرين أي : أعطي قنطارا من الأجر. وجاء في الحديث «أنه ألف ومائتا أوقية ، والأوقية خير مما بين السماء والأرض» (٣).
وقال أبو عبيدة : القناطير واحدها قنطار ، ولا تجد العرب تعرف وزنه ولا واحد للقنطار من لفظه. وقال ثعلب : المعوّل عليه عند العرب أنه أربعة آلاف دينار ، فإذا قالوا : قناطير مقنطرة ، فهي اثنا عشر ألف دينار. وقيل : إنّ القنطار ملء جلد ثور ذهبا. وقيل : ثمانون ألفا. وقيل : هو جملة كثيرة مجهولة من المال نقله ابن الأثير. قال القرطبي : والقول الثاني أصح حملا للخطاب على ظاهر اللفظ والقول الأوّل مجاز ؛ لأنه من تسمية الشيء ببعض ما هو من أعماله ، وإذا كان ذلك على قيام لا في قدر القراءة فلا دليل فيه على أنّ الفاتحة لا تتعين في الصلاة ، بل هي متعينة في كل ركعة لخبر الصحيحين : «لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب» (٤) ولخبر «لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب» (٥) رواه ابنا خزيمة وحبان في صحيحيهما ، ولفعله صلىاللهعليهوسلم كما في مسلم مع خبر البخاري «صلوا كما رأيتموني أصلي» (٦) ويحمل قوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) مع خبر «ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن» (٧) على الفاتحة أو على العاجز عنها جمعا بين الأدلة.
ولما كان هذا نسخا لما كان واجبا من قيام الليل أوّل السورة لعلمه سبحانه بعدم إحصائه فسر ذلك العلم المجمل بعلم مفصل بيانا لحكمة أخرى للنسخ ، فقال تعالى : (عَلِمَ أَنْ) مخففة من الثقيلة أي : أنه (سَيَكُونُ) أي : بتقدير لا بدّ منه (مِنْكُمْ مَرْضى) جمع مريض وهذه السورة من أوّل
__________________
(١) أخرجه أبو داود في الصلاة حديث ١٣٩٨.
(٢) أخرجه الدارمي في فضائل القرآن حديث ٣٤٦١.
(٣) أخرجه بهذا اللفظ المتقي الهندي في كنز العمال ٢٨٩٤ ، وأخرجه بلفظ : «القنطار اثنا عشر ألف أوقية» ابن ماجه حديث ٣٣٦٠ ، وأحمد في المسند ٢ / ٣٦٣.
(٤) أخرجه البخاري في الأذان حديث ٧٥٦ ، ومسلم في الصلاة حديث ٣٩٤ ، وأبو داود في الصلاة حديث ٨٢٢ ، والترمذي في الصلاة حديث ٢٤٧ ، والنسائي في الافتتاح حديث ٩١٠ ، وابن ماجه في الإقامة حديث ٨٣٧.
(٥) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ٤٩٠ ، وابن حجر في فتح الباري ٢ / ٢٤١ ، وابن حبان في صحيحه ٥ / ٨٢.
(٦) أخرجه البخاري في الأذان حديث ٦٣١ ، والدارمي في الصلاة حديث ١٢٥٣.
(٧) روي الحديث بطرق وأسانيد متعددة ، انظر البخاري في الخصومات باب ٤ ، والاستئذان باب ١٨ ، والاستتابة باب ٩ ، والأيمان باب ١٥ ، ومسلم في الصلاة حديث ٤٥ ، وأبا داود في الصلاة باب ١٤٤ ، والتطوع باب ١٧ ، والوتر باب ٢٢ ، والترمذي في الصلاة باب ١١٠ ، والقرآن باب ٩ ، والنسائي في الافتتاح باب ٧ ، ٣٧ ، والتطبيق باب ٧٧ ، وابن ماجه في الإقامة باب ٧٢ ، ومالك في مس القرآن حديث ٥ ، وأحمد في المسند ١ / ٤٠ ، ٤٣ ، ٢ / ٤٣٧.