ذكره الواحدي وهو ضعيف من وجوه ثلاثة : لأنه قد يكون الوحيد علما فيزول السؤال لأنّ اسم العلم لا يفيد في المسمى صفة بل هو قائم مقام الإشارة. الثاني : أن يكون ذلك بحسب ظنه واعتقاده كقوله عزوجل (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [الدخان : ٤٩]. الثالث : أنه وحيد في كفره وعناده وخبثه لأن لفظ الوحيد ليس فيه أنه وحيد في العلو والشرف. الرابع : قال أبو سعيد : الوحيد الذي لا أب له كما تقدم في الزنيم.
(وَجَعَلْتُ لَهُ) أي : بأسباب أوجدتها أنا وحدي لا بحول منه ولا قوة بدليل أن غيره أقوى منه بدنا وقلبا وأوسع فكرا وعقلا وهو دونه في ذلك (مالاً مَمْدُوداً) أي : مالا واسعا كثيرا. قال ابن عباس : هو ما كان للوليد بمكة والطائف من الإبل والبقر والغنم والحجور والجنان والعبيد والجواري ، واختلفوا في مبلغه فقال مجاهد وسعيد بن جبير : ألف دينار. وقال قتادة : ستة آلاف دينار. وقال سفيان الثوري : مرة أربعة آلاف دينار ومرة ألف ألف دينار وقال ابن عباس : تسعة آلاف مثقال فضة وقال الرازي : الممدود هو الذي يكون له مدد يأتي منه الجزء بعد الجزء دائما ولذلك فسره عمر غلة شهر بشهر. وقال النعمان : الممدود بالزيادة كالزروع والضروع وأنواع التجارات وقال مقاتل : كان له بستان بالطائف لا تنقطع ثماره شتاء ولا صيفا.
(وَبَنِينَ) أي : وجعلت له بنين (شُهُوداً) أي : حضورا معه لغناهم عن الأسفار بكثرة المال وانتشار الخدم وقوة الأعوان وهم مع حضورهم في الذروة من الحضور بتمام العقل وقوة الحذق ، فهم في غاية المعرفة ومع ذلك فهم أعيان المجالس وصدور المحافل كأنه لا شاهد به غيرهم. قال مجاهد وقتادة : كانوا عشرة. وقال السدي والضحاك : كانوا اثني عشر رجلا ، وعن الضحاك سبعة ولدوا بمكة وخمسة بالطائف. وقال مقاتل : كانوا سبعة ولعله اقتصر على من ولد بمكة وعلى كل قول أسلم منهم ثلاثة خالد الذي منّ الله تعالى على المسلمين بإسلامه فكان سيف الله وسيف رسوله صلىاللهعليهوسلم وهشام وعمارة.
(وَمَهَّدْتُ) أي : بسطت (لَهُ) العيش والعمر والولد ، والتمهيد عند العرب التوطئة والتهيئة ومنه مهد الصبي. وقال ابن عباس : أي : وسعت له ما بين اليمن إلى الشام وعن مجاهد أنه المال بعضه فوق بعض كما يمهد الفراش فلم يرع هذه النعمة العظيمة. وقوله تعالى (تَمْهِيداً) تأكيد.
(ثُمَ) أي : بعد الأمر العظيم الذي ارتكبه من تكذيب رسول الله صلىاللهعليهوسلم (يَطْمَعُ) أي : بغير سبب يدلي به مما جعلناه سبب المزيد من الشكر (أَنْ أَزِيدَ) أي : فيما آتيته في دنياه أو في آخرته وهو يكذب رسولنا صلىاللهعليهوسلم. وقال الحسن : ثم يطمع أن أحله الجنة.
وكان الوليد يقول : إن كان محمد صادقا فما خلقت الجنة إلا لي ، فقال الله تعالى ردّا عليه وتكذيبا له (كَلَّا) أي : وعزتنا وجلالنا لا تكون له زيادة على ذلك أصلا ، وأمّا النقصان فسيرى إن استمرّ على تكذيبه فليرتدع عن هذا الطمع ولينزجر وليرتجع ، فإنه حمق محض وزخرف بحت وغرور صرف ، قالوا : فما زال الوليد بعد نزول هذه الآية في نقصان من ماله وولده حتى هلك فقيرا.
تنبيه : كلا قطع للرجاء عما كان يطمع فيه من الزيادة فيكون متصلا بالكلام الأوّل وقيل : كلا بمعنى حقا.
ويبتدأ بقوله تعالى (إِنَّهُ) أي : هذا الموصوف (كانَ) أي : بخلق كأنه جبلة له وطبع لا يقدر