طبقات النسل التي عليها العرب سبعة الشعب والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة والعشيرة وكل واحد يدخل فيما قبله فالقبائل تحت الشعوب والعمائر تحت القبائل والبطون تحت العمائر ، والأفخاذ تحت البطون ، والفصائل تحت الأفخاذ ، والعشائر تحت الفصائل خزيمة شعب وكنانة قبيلة وقريش عمارة وقصيّ بطن وعبد مناف فخذ وهاشم فصيلة والعباس عشيرة. قال البغوي : وليس بعد العشيرة حي يوصف ا. ه. وسمي الشعب شعبا لتشعب القبائل منه واجتماعهم به كتشعب أغصان الشجرة والشعب من الأضداد يقال شعب أي : جمع ومنه شعب القدح وشعب أي : فرّق والقبائل واحدها قبيلة سميت بذلك لتقابلها شبهت بقبائل الرأس وهي قطع متقابلة. وقيل الشعوب في العجم والقبائل في العرب والأسباط في بني اسرائيل وقيل : الشعب النسب الأبعد والقبيلة الأقرب والنسبة إلى الشعب شعوبية بفتح الشين وهم جيل يبغضون العرب والعمائر واحدتها : عمارة بفتح العين والبطون واحدتها : بطن. والفصائل : واحدتها فصيلة. والعشائر : واحدتها : عشيرة. وقال أبو روق الشعوب الذين لا يعتزون إلى أحد بل ينتسبون إلى المدائن والقرى والقبائل العرب الذين ينتسبون إلى آبائهم.
ثم ذكر تعالى علة الشعب بقوله تعالى : (لِتَعارَفُوا) أي : ليعرف الإنسان من يقاربه في النسب ليصل من رحمه ما يحق له لا لتفاخروا (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ) أي المتفاخرون (عِنْدَ اللهِ) أي : الملك الذي لا أمر لأحد معه ولا كريم إلا من أخبركم بكرمه ولا كمال لأحد سواه (أَتْقاكُمْ) أي : أرفعكم منزلة عند الله أتقاكم. قال قتادة : في هذه الآية أكرم الكرم التقوى وألأم اللؤم الفجور وقال عليه الصلاة والسلام «الحسب المال والكرم التقوى» (١) وقال ابن عباس «كرم الدنيا الغنى وكرم الآخرة التقوى» وعن ابن عمر «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم طاف يوم الفتح على راحلته يستلم الأركان بمحجنه وهو عصا محنية الرأس فلما خرج لم يجد مناخا فنزل على أيدي الرجال ثم قام فخطبهم فحمد الله وأثنى عليه فقال : الحمد لله الذي أذهب عنكم عبية الجاهلية يعني كبرها وفخرها الناس رجل تقي كريم على الله وفاجر شقي هين على الله ثم تلا (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) ثم قال أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم» (٢) وعن أبي هريرة قال «سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم أيّ الناس أكرم. قال : أكرمهم عند الله أتقاهم قالوا : ليس عن هذا نسألك. قال : فأكرم الناس يوسف نبيّ الله بن نبيّ الله بن نبيّ الله بن خليل الله قالوا ليس عن هذا نسألك قال فعن معادن العرب تسألوني قالوا : نعم. قال : خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» (٣) بضم القاف على المشهور وحكي كسره ومعناه إذا تعلموا أحكام الشرع.
وقال صلىاللهعليهوسلم «إنّ الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم» (٤) قال الرازي في المراد
__________________
(١) أخرجه الترمذي في تفسير القرآن حديث ٣٢٧١ ، وابن ماجه في الزهد حديث ٤٢١٨ ، ٤٢١٩ ، وأحمد في المسند ٥ / ١.
(٢) أخرجه البغوي في شرح السنة ١٣ / ١٢٣ ، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين ٨ / ٤١٩ ، والسيوطي في الدر المنثور ٦ / ٩٨.
(٣) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء حديث ٣٣٧٤ ، ومسلم في الفضائل حديث ٢٣٧٨ ، والدارمي في المقدمة حديث ٢٢٣.
(٤) أخرجه مسلم في البر حديث ٢٥٦٤ ، وابن ماجه في الزهد حديث ٤١٤٢ ، ٤١٤٣ ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٨٥ ، ٥٣٩.