الملائكة» زاد الترمذي : «عيانا» (١). وعن الحسن أنه أمية بن خلف كان ينهى سلمان عن الصلاة وفائدة التنكير في قوله تعالى : (عَبْداً) الدلالة على أنه كامل العبودية ، كأنه قيل : ينهى أشدّ الخلق عبودية عن العبادة وهذا عين الجهل.
وقيل : إن هذا الوعيد يلزم كل من ينهى عن الصلاة وعن طاعة الله تعالى ولا يدخل في ذلك المنع من الصلاة في الدار المغصوبة ، وفي الأوقات المكروهة لأنه قد ورد النهي عن ذلك في الأحاديث الصحيحة ولا يدخل أيضا منع السيد عبده والرجل زوجته عن صوم التطوّع وقيام الليل والاعتكاف ، لأنّ ذلك مصلحة إلا أن يأذن فيه السيد والزوج.
(أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ) أي : المنهي وهو النبيّ صلىاللهعليهوسلم (عَلَى الْهُدى) وقرأ نافع بتسهيل الهمزة بعد الراء ، وعن ورش إبدالها ألفا ، وأسقطها الكسائي ، والباقون بالتحقيق
وقوله تعالى : (أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى) أي : بالإخلاص والتوحيد للتقسيم.
تنبيه : قوله تعالى : (أَرَأَيْتَ) تكرير للأوّل وكذا الذي في قوله : (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ) وهو أبو جهل (وَتَوَلَّى) عن الإيمان.
(أَلَمْ يَعْلَمْ) أي : يقع له علم يوما من الأيام (بِأَنَّ اللهَ) الذي له صفات الكمال (يَرى) ويطلع على أحواله من هداه وضلاله فيجازيه على حسب ذلك ، أي : أعجب منه يا مخاطب في نهيه عن الصلاة من حيث إنّ المنهي على الهدى آمر بالتقوى وفي وجه التعجب وجوه :
أحدها : أنه صلىاللهعليهوسلم قال «اللهمّ أعز الإسلام إمّا بأبي جهل وإمّا بعمر بن الخطاب» (٢) وهو ينهى عبدا إذا صلى.
الثاني : أنه يلقب بأبي الحكم فقيل : أيلقب بهذا وهو ينهى عن الصلاة فيتعجب منه ، ومن حيث إن الناهي مكذب متول عن الإيمان.
الثالث : أنه كان يأمر وينهى ويعتقد وجوب طاعته ثم إنه ينهى عن طاعة الله تعالى.
وقوله تعالى : (كَلَّا) ردع للناهي (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) أي : عما هو فيه واللام لام قسم (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) أي : لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار والسفع القبض على الشيء وجذبه بشدّة. قال عمرو بن معديكرب (٣) :
قوم إذا نقع الصريخ رأيتهم |
|
ما بين ملجم مهره أو سافع |
والنقع الصوت. ولما علم أنها ناصية المذكور اكتفى باللام عن الإضافة ، والآية وإن كانت في أبي جهل فهي عظة للناس وتهديد لمن يمنع غيره عن طاعة الله تعالى.
وقوله تعالى : (ناصِيَةٍ) بدل من الناصية قال الزمخشري : وجاز بدلها عن المعرفة وهي نكرة لأنها وصفت ، أي : ب (كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) واستقلت بفائدة واعترض عليه بأنّ هذا مذهب الكوفيين فإنهم
__________________
(١) أخرجه الترمذي حديث ٣٣٤٨ ، وأحمد في المسند ١ / ٢٤٨ ، ٣٦٨.
(٢) أخرجه بنحوه الترمذي حديث ٣٦٨١ ، ٣٦٨٣ ، وابن ماجه حديث ١٠٥ ، وأحمد في المسند ٢ / ٩٥ ، والحاكم في المستدرك ٣ / ٥٠٢ ، والبيهقي في السنن الكبرى ٦ / ٣٧٠.
(٣) البيت من الكامل ، وهو لعمرو بن معد يكرب في ديوانه ص ١٤٥ ، ولحميد بن ثور في ديوانه ص ١١١ ، والمقاصد النحوية ٤ / ١٤٦ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٨ / ٢١٨.