ثم أشار إلى خلودهم فيها بقوله تعالى مؤكدا لأنهم يكذبون بها : (إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) قال الحسن : مطبقة ، أي : بغاية الضيق. وقال مجاهد : مغلقة بلغة قريش ، يقال : آصدت الباب ، أي : أغلقته ومنه قول عبد الله بن قيس (١) :
إنّ في القصر لو دخلنا غزالا |
|
مفتنا مؤصدا عليه الحجاب |
ثم بين حال عذابهم بقوله تعالى : (فِي) أي : في حال كونهم موثوقين في (عَمَدٍ) قرأ حمزة والكسائي وشعبة بضم العين والميم جمع عمود نحو رسول ورسل ، وقيل : جمع عماد ككتاب وكتب ، والباقون بفتحهما فقيل : هو اسم جمع لعمود ، وقيل : بل هو جمع له. قال الفراء : كأديم وأدم. وقال أبو عبيدة : هو جمع عماد. (مُمَدَّدَةٍ) أي : معترضة كأنها موضوعة على الأرض في غاية المكنة فلا يستطيع الموثوق بها على نوع حيلة في أمرها. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله يبعث عليهم ملائكة بأطباق من نار ومسامير من نار ، وعمد من نار ، فيطبق عليهم بتلك الأطباق ، وتسدّ بتلك المسامير ، وتمدّ بتلك العمد فلا يبقى فيها خلل يدخل منه روح ولا يخرج منه غم فيكون كلامهم فيها زفيرا وشهيقا» (٢). وقال قتادة : عمد تعذبون بها ، واختاره الطبريّ. وقال ابن عباس : إنّ العمد الممدّدة أغلال في أعناقهم. وقال أبو صالح قيود في أرجلهم. وقال القشيري : العمد أوتاد الأطباق. وقيل : المعنى في دهور ممدودة لا انقطاع لها. وقول البيضاوي تبعا للزمخشري عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ سورة الهمزة أعطاه الله عشر حسنات بعدد من استهزأ بمحمد صلىاللهعليهوسلم وأصحابه» (٣) حديث موضوع.
__________________
(١) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
(٢) الحديث لم أجده بهذا اللفظ في كتب الحديث التي بين يدي.
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف ٤ / ٨٠٣.