أمرت (١) حتى ركبتها ، فحملني عليها ، ثم خرج معي جبريل لا يفوتني ، ولا أفوته ، كان منتهى وقع حافرها طرفها ، قالوا : وكانت طويلة الظهر طويلة الأذنين ، قالوا : قال رسول الله : فإذا مناد (٢) ينادي عن يميني : أربع (٣) أستخبرك ، فلم أعرّج عليه ، وإذا مناد ينادي عن شمالي يقول : يا محمد ، أربع أستخبرك ، فلم أعرّج عليه (٤). قال : ثم (٥) استقبلتني امرأة عليها من كلّ ما زيّن الله به نساء أهل الدنيا ، قد ولّى من سنّها ، فقالت : يا محمد ، على رسلك أستخبرك ، فلم أعرّج عليها ، فكادت (٦) تغشاني ، فأخبرت جبريل عليهالسلام بما رأيت ، فقال : الذي على يمينك داعية اليهود لو ربعت حتى يكلّمك تهودت أمّتك ، وأما الذي على يسارك : فداعية النصارى ، ولو ربعت عليه حتى يكلّمك تنصّرت أمتك ، وأمّا (١٨٥ و) المرأة التي استقبلتك : فهي الدنيا ، ولو ربعت عليها حتى تكلّمك اخترت الدنيا على الآخرة». (٧)
وعن عكرمة قال : قالت أمّ الفضل (٨) : أتى آت فقال : إنّ محمدا ليس في بيته ، فما نراه إلا وقد قتل ، قالت : فأيقظت العباس (٩) ، وكان نائما ، فقال : ما لك؟ فقلت : هذا ابن أخيك لا يدرى أين هو؟ فخرج العباس في بني عبد المطلب.
وعن أبي رافع (١٠) قال : لما كانت تلك الليلة ، فقد رسول الله ، وتفرقت بنو عبد المطلب ليلتمسوه ، فخرج العباس حتى بلغ ذا طوى ، فجعل يصيح : يا محمد ، فأجابه رسول الله : «لبّيك» ، فقال : يا ابن أخي عنّيت قومك منذ الليلة ، فأين كنت؟ قال : «أتيت من بيت المقدس» ، قال : أفي ليلتك؟! قال : «نعم» ، قال : فهل أصابك إلا خير؟ فقال عليهالسلام : «ما أصابني إلا خير» ، وذكر القصة بطولها (١١). (١٢)
__________________
(١) ك وع وأ : أقرت.
(٢) الأصول المخطوطة : منادي.
(٣) توقف وانتظر. ينظر : النهاية في غريب الحديث والأثر ٢ / ١٨٧ ، ولسان العرب ٨ / ١١٠.
(٤) (وإذا مناد ... فلم أعرج إليه) ، ساقطة من أ.
(٥) أ : ثم قال.
(٦) ع وأ : وكادت.
(٧) ينظر : تفسير الصنعاني ٢ / ٣١٤ ، تهذيب الآثار للطبري ٢ / ٦٦ (١٢١٩) ، والدر المنثور ٥ / ١٧.
(٨) لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية ، زوجة العباس عم النبي عليهالسلام ، أخت أم المؤمنين ميمونة ، توفيت في خلافة عثمان. ينظر : الكنى للبخاري ٩٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢ / ٣١٤ ، والإصابة ٤ / ٤٨٣.
(٩) أبو الفضل العباس بن عبد المطلب بن هشام الهاشمي ، عم النبي عليهالسلام ، توفي سنة ٢٣ ه. ينظر : الكنى والأسماء لمسلم ١ / ٦٧٣ ، وتاريخ أنساب الأشراف ٣ / ١ ، والتعديل والتجريح ٣ / ١٠٠٧ ، وصفة الصفوة ١ / ٥٠٦.
(١٠) أسلم ، وقيل : إبراهيم ، مولى رسول الله عليهالسلام ، من قبط مصر ، توفي في خلافة علي رضي الله عنهم. ينظر : معجم الصحابة ١ / ٤٣ ، والثقات لابن حبان ٣ / ١٦ ، والاستيعاب ١ / ٨٢.
(١١) الأصول المخطوطة : بطوله.
(١٢) ينظر : الطبقات الكبرى ١ / ٢١٤ ، والسيرة الحلبية ١ / ٥١٥ ، والدر المنثور ٥ / ١٨٣.