٦٠ ـ (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) : صفة أولياء الله تعالى المعتقدين أنّه لا حول ولا قوّة إلا بالله ، وأنّ موجب السعادة والشقاوة هو التقدير الأزلي (١) دون السبب العلميّ (٢) ، وعلى هذا (٣) قال عليهالسلام : «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إليّ». (٤) وقال عليهالسلام : «أيّكم ينجّيه عمله؟» قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟ قال : «ولا أنا إلا أن يتغمّدني الله برحمته». (٥) وعن عائشة قالت : سألت رسول الله عن قوله : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) فقلت : أهم الذين يشربون الخمور ويسترقون؟ قال : «لا يا بنت الصدّيق ، ولكنّهم الذين يصومون ، ويصلّون ويتصدقون ، وهم يخافون لا يقبل منهم». (٦)
٦١ ـ (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) : وعن شقيق بن إبراهيم (٧) : الزاهد العاقل لا يخرج من هذه الثلاثة الأخوف : أوّلها : أن يكون خائفا لما سلف منه من الذنوب ، والثاني : لا يدري ما ينزل به ساعة بعد ساعة ، والثالث : يخاف من إبهام العاقبة.
٦٣ ـ (بَلْ قُلُوبُهُمْ : بَلْ) للإضراب عن قوله : (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) [المؤمنون : ٥٧]. وقيل : مرتب على قوله : (بَلْ لا يَشْعُرُونَ) [المؤمنون : ٥٦].
(وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ) : من الأعمال الفاسدة القبيحة من دون الكفر والجهل. وقيل : أعمالهم المقدّرة عليهم أن يكسبوها في المستقبل من أعمارهم. (٨)
٦٤ ـ (بِالْعَذابِ) : قال مجاهد : هو يوم بدر. (٩) وقال الكلبي : هو القحط سبع سنين. (١٠) ويحتمل : معاينة البأس ، ورفع الالتباس.
__________________
(١) الأصل وك وأ : الأولي.
(٢) الأصل وك وأ : العملي.
(٣) ع : (ولهذا) بدلا من (وعلى هذا).
(٤) هذا النص آية في سورة الأحقاف الآية التاسعة ، وقد جاءت أحاديث بهذا المعنى بألفاظ قريبة. ينظر : صحيح البخاري (١٢٤٣) ، ومسند الشاميين (٣٢١٢).
(٥) أخرجه مسلم في الصحيح (٢٨١٦) ، والطبراني في الأوسط (٢٢٩٤) ، وابن حيان الأنصاري في طبقات المحدثين بأصبهان ٣ / ٤٩٨ ، والفاداني في العجالة في الأحاديث المسلسلة ١ / ٩٤.
(٦) أخرجه الحميدي في المسند ١ / ١٣٢ ، وابن ماجه في السنن (٤١٩٨) ، وأبو يعلى في مسنده (٤٩١٧) ، والحاكم في المستدرك ٢ / ٤٢٧.
(٧) أبو علي شقيق بن إبراهيم الأزدي البلخي ، الإمام الزاهد ، شيخ خراسان ، قتل في غزاة كولان سنة ١٩٩ ه. ينظر : الجرح والتعديل ٤ / ٣٧٣ ، والتدوين في أخبار قزوين ٣ / ٨١ ، وتاريخ دمشق ٢٣ / ١٣١.
(٨) ينظر : تفسير مجاهد ٤٣٣ ، وتفسير السمعاني ٣ / ٤٨١ ، وابن كثير ٣ / ٣٤٤ ، والدر المنثور ٦ / ١٠٠.
(٩) ينظر : تفسير الطبري ٩ / ٢٢٨ ، وزاد المسير ٥ / ٣٤٩ ، والدر المنثور ٦ / ١٠٠.
(١٠) ينظر : زاد المسير ٥ / ٣٤٩.