والاستحباب دون الوجوب. وعن عائشة : وقعت جويريّة بنت الحارث بن المصطلق (١) في سهم ثابت بن قيس بن شماس (٢) ، أو ابن عمّ له ، فكاتبت على نفسها ، وكانت ملاحة (٣) تأخذها العين ، فجاءت تسأل رسول الله في كتابتها ، فلمّا قامت على الباب فرأيتها كرهت مكانها ، وعرفت أنّ رسول الله سيرى ذلك منها مثل الذي رأيت ، فقالت : يا رسول الله ، أنا جويريّة بنت الحارث ، وكان من أمري ما لا يخفى ، وإنّي وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس ، وإنّي كاتبت على نفسي ، فجئت أسألك في كتابتي ، فقال رسول الله : هل لك إلى ما هو خير منه؟ قالت : وما ذلك يا رسول الله؟ قال : أأدّي عنك كتابتك وأتزوّجك ، قالت : قد فعلت ، (٢٣٦ ظ) قالت : فتسامع الناس أنّ رسول الله قد تزوّج جويريّة ، فأرسلوا ما في أيديهم من السبي ، فأعتقوهم ، فقالوا : أصهار رسول الله ، فما رأينا امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها ، أعتق في سببها مئة أهل بيت من بني المصطلق. (٤)
وقوله : (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) : لاعتبار حال من نزلت فيه لا لتعليق الحكم بالشرط.
(وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ) : اتصالها من حيث اعتبار بيان الأحكام والزجر عن الآثام.
(مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) : الذين قصصهم في القرآن.
٣٥ ـ (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : وصفه بها من المتشابهات التي لا ينبغي تأويلها بعد الاعتقاد بأنّه متعال عن مجانسة الشمس والقمر وما في معناهما لقوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] ، والنور في اللّغة : ما يبيّن المحسوس أو المعقول ، وليس من شرط الضياء والشعاع ، قال عليهالسلام مخبرا عن الله : «الشيب نوري». (٥) وقال : «اللهمّ اجعل النور في بصري». (٦) وقال : «من أراد أن ينظر إلى رجل نوّر الله قلبه ، فلينظر إلى حارثة». (٧)
__________________
(١) أم المؤمنين جويريّة بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب الخزاعية المصطلقية ، سباها رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم المريسيع ، توفيت سنة (٥٠ ه). ينظر : المنتخب من كتاب أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ٤٥ ، والاستيعاب ٤ / ١٨٠٤ ، وصفة الصفوة ٢ / ٥١.
(٢) أبو عبد الرحمن ثابت بن قيس بن شماس بن مالك الأنصاري الخزرجي ، خطيب رسول الله ، صحابي ، استشهد يوم اليمامة. ينظر : معجم الصحابة ١ / ١٢٦ ، والاستيعاب ١ / ٢٠٠ ، تهذيب الأسماء ١ / ١٤٧.
(٣) ملاحة : أي مليحة ، والعرب تجعل الفعيل فعالا ليكون أشد مبالغة في النعت. غريب الحديث لابن الجوزي ٢ / ٣٧١ ، ولسان العرب ٢ / ٦٠١ ـ ٦٠٢.
(٤) أخرجه أبو داود في السنن (٣٩٣١) ، والزيلعي في نصب الراية ٤ / ٤١٥ ، والقاري في العمدة ١٣ / ١٠٢.
(٥) ينظر : معجم السفر ٨٢ ، وميزان الاعتدال ٤ / ٣٩٣ ، ولسان الميزان ٤ / ٥٦ ، وكشف الخفاء ٢ / ٣٣٤ ، وقال الذهبي وابن حجر : هذا حديث باطل.
(٦) ينظر : تذكرة الموضوعات للفتني ٥٨ عن أبي بكر رضي الله عنه.
(٧) أخرجه ابن المبارك في الزهد ١ / ٠٦ ، والبيهقي في كتاب الزهد الكبير ٢ / ٣٥٥ ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٣٨ / ٢٧٤ ، وابن حجر في الإصابة ١ / ٥٩٧ كلهم الحارث بن مالك ، وليس الحارثة.