٩ ـ (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) : عن أنس قال : قيل للنّبيّ عليهالسلام : لو أتيت عبد الله بن أبيّ ، فانطلق إليه فركب حمارا ، وانطلق المسلمون يمشون ، وهي أرض سبخة ، فلمّا أتاه وثار الغبار قال : إليك عنّي فو الله لقد آذاني نتن حمارك ، فقال رجل من الأنصار : لحمار رسول الله عليهالسلام أطيب ريحا منك ، قال : فغضب لعبد الله رجل من قومه ، وغضب لكلّ واحد منهما أصحابه ، فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنّعال ، فأنزل الله هذه الآية. (١) [عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال : وقف رسول الله صلىاللهعليهوسلم على مجلس بعض الأنصار وهو على حمار ، فبال الحمار ، فأمسك عبد الله بن أبيّ بأنفه ، وقال : خلّ مسك حمارك ، فقد آذانا نتن حمارك ، فقال عبد الله بن رواحة ، والله ، إنّ بول حماره لأطيب من مسكك ، وروي : حماره أفضل منك ، وبول حماره أفضل من مسكك ، ومضى رسول الله ، وطال الخوض بينهما حتى استبّا [وتجالدا](٢) وجاء قومهما ، وهما الأوس والخزرج ، فتجالدوا بالعصيّ ، وقيل : بالأيدي ، والنّعال والسّعف ، فرجع إليهم رسول الله عليهالسلام ، فأصلح بينهم ، ونزلت الآية. (٣) وعن مقاتل : قرأها عليهم فاصطلحوا.](٤) وعن أبي مالك قال : حيّان من الأنصار بينهم تلاحي وقتال بغير سلاح ، فأمر الله أن يصلح بينهما. وعن أبي مالك قال : اقتتل رجلان ، فأقبل حيّاهما ، فاقتتلوا بالنّعال والعصيّ ، فأنزل الله فيهم. (٥)
قال : هذه الآية أصل في قتال أهل البغي ، وقد أقتتلت طائفتان من المؤمنين بعد رسول الله إحداهما أصحاب والأخرى أهل مصر ، فجاء الحسين بن عليّ ليصلح بينهما ، فلم يقدر ، فغلب أهل مصر (٦) ، وقتلوا عثمان رضي الله عنه ، ثمّ إنّهم تركوا البغي ، وبايعوا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، فثارت فتنة أخرى ، ثمّ أخرى ، ثمّ أخرى ، حتى صار عليّ رضي الله عنه إماما في معرفة قتال أهل البغي ؛ لأنّه قتل الناكثين والباغين والمارقين ، وقد قال أبو حنيفة رحمهالله : لو لا علي بن أبي طالب لما عرفنا قتال أهل البغي.
١١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) : قيل : حضر ثابت بن قيس
__________________
(١) أخرجه البخاري في الصحيح (٢٦٩١) ، ومسلم في الصحيح (١٧٩٩) ، وأبو عوانة في المسند ٤ / ٣٤٥.
(٢) غير واضحة في الأصل ، وهكذا في مصدر التخريج ، والله أعلم.
(٣) ينظر : تخريج الأحاديث والآثار ٣ / ٣٣٥ ، وقال : غريب من حديث ابن عباس.
(٤) ما بين المعقوفتين من حاشية الأصل ، وهي بالخط نفسه الذي كتب به الأصل ، فأظنه من الأصل ، ولذا كتبته في الأصل ، وأشرت إليه لأنه لم يكتب في النسخ الأخرى.
(٥) ينظر : تفسير الطبري ١١ / ٣٨٧ و ٣٨٨.
(٦) (فجاء الحسين ... أهل مصر) ، ساقط من ع.