إنّ الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى (١) ، فكلّم موسى مرّتين ، ورآه محمد مرّتين. (٢) قال : وكانت هذه الرّؤية ليلة المعراج ، وهو مرفوع إلى سدرة المنتهى. قال ابن مسعود : انتهى إليها ما يعرج من الأرض. (٣) وقيل : ينزل من فوق. وقيل : ينتهي علم الخلق إليها ، لا علم لهم بما فوق ذلك.
١٥ ـ (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) : جنّة من الجنان. وقيل : هي التي تأوي إليه روح الشّهداء. (٤)
١٦ ـ (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ) : في السّماء السّادسة. (٥) قال سفيان : فراش من ذهب. (٦) وعن الضّحّاك ، عن ابن عبّاس : (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رأيتها حتى استثبتّها ، ثمّ حال دونها فراش من ذهب» (٧). وعن الحسن : غشيها النّور من دون النّور كجراد الذّهب. (٨)
قال الأمير : إنّما لم يزع بصره عن رؤية آيات (٩) ربّه الكبرى ؛ لأنّه لم يزع فؤاده عن مشاهدة ربّه الأعلى. وما روي عن عرباض بن سارية قال : رأى رسول الله فراشا من ذهب ، ومن زعم أنّ محمدا قد رأى ربّه فقد أعظم الفرية ، وعن عائشة كذلك (١٠) ، فهما محمولان على نفي الرّؤية بالعينين.
١٩ و ٢٠ ـ (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ) : واشتقاق اللّات من اسم الله تعالى ، والعزّى من العزيز (١١) ، فإنّها تأنيث الأعزّ ، ومناة تأنيث منّا وهو القدّ. وقيل : سمّيت لاتا ؛ لأنّ قيّمها (١٢) يلتّ السّويق للنّاس. (١٣) ولو كان كذلك لكان التاء مشدّدة. وقيل : مناة تسمية أعجميّة عرّبتها العرب ، وإنّما اتّصفت بالثّالثة وبالأخرى جميعا ؛ لأنّها ثالثة الثلاث المعبودات
__________________
(١) أ : ومسى.
(٢) مسند إسحاق بن راهويه ٣ / ٧٩٠ ، والمستدرك ٢ / ٧٢٩ ، وزاد المسير ٧ / ٢٧٧ ، وتفسير القرطبي ٧ / ٥٦.
(٣) سنن الترمذي (٣٢٧٦).
(٤) تفسير مقاتل بن سليمان ٣ / ٢٩٠ ، وزاد المسير ٧ / ٢٧٧ عن مقاتل ، وتفسير القرطبي ١٧ / ٩٦ عن ابن عباس.
(٥) سنن الترمذي (٣٢٧٦) ، وزاد المسير ٧ / ٢٧٧ عن ابن مسعود.
(٦) جزء من حديث أخرجه الترمذي في السنن (٣٢٧٦).
(٧) أخرجه أبو يعلى في المسند (٢٦٥٦) ، وقال الهيتمي في مجمع الزوائد ٧ / ١١٤ : وفيه جويبر وهو ضعيف.
(٨) تفسير السمرقندي ٣ / ٣٤١
(٩) ك : آية.
(١٠) أخرجه الترمذي في السنن (٣٠٦٨) ، وأبو عوانة في المسند ١ / ١٣٦ ، وابن حبان في صحيحه (٦٠).
(١١) ينظر : غريب القرآن للسجستاني ١ / ٥٣٢ ، وزاد المسير ٧ / ٢٧٩ ، وتفسير البغوي ٧ / ٤٧.
(١٢) الأصول المخطوطة : قيمتها ، والتصويب من كتب التخريج.
(١٣) تفسير السمرقندي ٣ / ٣٤٢ ، والكشاف ٤ / ٤٢٣ ، والنهاية في غريب الحديث ٤ / ٢٣٠ عن مجاهد.