ليغتالوه ، فأتوه في جوف اللّيل ، واستنزله محمد بن سلمة من قصره ، وشكا إليه رسول الله واستقرضه طعاما ، ثمّ تشبّث برأسه ، فكبّر ، فخرج أصحابه من وراء الحائط وضربوه حتى برد ، وفي ذلك يقول عبّاد بن بشر [من الوافر] : (١)
صرخت به فلم يجعل لصوتي |
|
وأوفى طالعا من فوق قصر (٢) |
فعدت فقال : من هذا المنادي |
|
فقلت : أخوك عبّاد بن بشر |
وأقبل نحونا يهوي سريعا |
|
وقال لنا : قد جئتم لأمر |
فعانقه ابن مسلمة المرادى (٣) |
|
له الكفّار (٤) كاللّيث الهزبر |
وشدّ بسيفه صلتا عليه |
|
فقطّره أبو عبس بن جبر |
وصلت وصاحباي في مكان لّما |
|
قتلناه الخبيث كذبح عير |
وكان الله سادسنا فأبنا |
|
بأفضل نعمة وأعزّ نصر |
وكانت هذه الواقعة في صفر سنة ثلاث ، وبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سنة أربع جبر بن عتيك في ثلاثة من أصحابه إلى خيبر ليغتالوا لما فيه من خيبر ، وهو [أبو](٥) رافع بن سلام بن أبي الحقيق ، فاغتالوه ، وكانوا قد دخلوا عليه وهو سكران ، والذي تولّى قتله عبد الله بن أنيس الأنصاريّ ، ورجعوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم سالمين. (٦)
ثمّ انطلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بني النّضير يستعينهم في دية رجلين من بني كلاب قتلهما عمرو بن أميّة ، وكان لهما عهد ، ومعه أبو بكر وعمر وعليّ وطلحة والزّبير وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير وسعد بن عبادة ، فاستقبلته اليهود ، ورحّبوا به فقالوا : قد آن لك أن تزورنا يا أبا القاسم ، ولك عندنا ما تحبّ ، ولكن احتبس عندنا ساعة نطعمك ، فاستنزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بيت من بيوتهم ، وجلس معه أصحابه ، ورجعت اليهود بعضها إلى بعض يتآمرون في أمره ، فأشار عليهم حييّ بن أخطب أن يلقوا عليه رحا من فوق السّطح ، فأعلم الله نبيّه كيدهم ، فوثب كأنّه يريد حاجة ، وخرج حتى رجع إلى المدينة ، وتبعه أصحابه من بعده ، ثمّ أرسل إليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمرهم بالخروج من جواره ، وأجّلهم عشرة أيّام (٣٠٦ ظ) فأخذوا يتجهّزون للخروج ، ثمّ
__________________
(١) ينظر قصة قتل كعب الأشرف مع الأبيات : المستدرك ٣ / ٤٩٢ ، وسير أعلام النبلاء ١ / ٣٤٠ ، وتهذيب الكمال ١٤ / ١٠٦ ، والاستيعاب ٢ / ٨٠٢.
(٢) كتب التخريج : جدر.
(٣) كتب التخريج : المردّى.
(٤) ع وك : الكفار. وما أثبت الصواب ، ينظر : كتب التخريج.
(٥) زيادة من كتب التخريج.
(٦) ينظر : الطبقات الكبرى ٢ / ٩١ ، وأخبار المدينة ١ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤.