الكريم». وهذا أيضا يدحض قول حاجي خليفة بأنّ درج الدرر غير تفسير الفاتحة ، كما أنّ هذا العنوان الذي ذكره إسماعيل باشا هو الأنسب لهذا الكتاب ، وذلك لعادة المؤلفين في ذلك الوقت أن يسمّوا الكتب بأسماء مسجوعة ، ولعلّه اطلع على نسخة أخرى من الكتاب لم تصل إلى مكتبات المخطوطات العامّة.
٣ ـ أما بروكلمان فقد ذكر أنّ التفسير ينسب خطأ للشريف الجرجانيّ ، فقال : «درج الدرر وهو في التفسير ... وينسب خطأ للشريف الجرجانيّ» (١) وعبارته هذه تحمل ادعاء لأحدهم ينسب الكتاب لغير عبد القاهر الجرجانيّ ، وهي في الوقت نفسه نفت هذا الخطأ. كما أنّه بعيد أن يكون له إذ خلا الكتاب في نقله عن علماء من العصور التي بعد عبد القاهر الجرجانيّ ، ممّا يجعل النسبة إليه من باب الوهم ، فالشريف الجرجانيّ قد توفي سنة ٨١٦ ه (٢) ، كما أنّه لم ينقل من المؤلفات في التفسير أو غيره بعد عصر الجرجانيّ ، وبخاصّة الزمخشريّ وأبي حيان وغيرهما من الأعلام الذين جاؤوا بعده.
وقد رجعت إلى مظانّ ترجمة السيد الشريف الجرجانيّ ، فلم أجد ذكرا لهذه النسبة. (٣)
٤ ـ المعروف عن عبد القاهر الجرجانيّ وما ذكرته كتب التراجم التي ترجمت له : أنّه شافعيّ المذهب ، فقد ذكره الإسنويّ في طبقات الشافعيّة (٤) ، وقال عنه : «كان شافعيّا» ، وكذلك في سير أعلام النبلاء ، (٥) وغيرها.
وقد بحثت في مذهب المؤلّف الفقهيّ من خلال دراستي لهذا الكتاب ، وقد تولّد لديّ أنّ صاحب هذا الكتاب له مذهب فقهيّ هو المذهب الحنفيّ ، وذلك من خلال المسائل التي ذكرتها في مبحث (عنايته بالأحكام الفقهيّة) فدرست مذهبه الفقهيّ من خلال ثماني مسائل ، هذه المسائل الثماني خالف فيها المؤلف المذهب الشافعيّ أو الرأي الراجح في المذهب الشافعيّ ، ووافق فيها أصحاب المذهب الحنفيّ بل المشهور في المذهب الحنفيّ ، وأحيانا يصرّح بمخالفته للشافعيّ.
أضف إلى ذلك أنّه يذكر الإمام أبا حنيفة فيترضّى عنه أو يترحّم عليه في أكثر من موضع (٦) ، ويستشهد بقوله كذلك ، (٧) بل إنّه يروي عنه بعض الأحاديث والآثار على الرغم من وجودها عند غيره ، فيختار طريق أبي حنيفة (٨).
__________________
(١) تاريخ الأدب العربي ٥ / ٢٠٧.
(٢) ينظر ترجمته : الضوء اللامع ٥ / ٣٢٨ ، والبدر الطالع ١ / ٤٤٨ ، وأبجد العلوم ٣ / ٥٧.
(٣) ينظر : الكنى والألقاب للقمي ٢ / ٣٥٨ ، والضوء اللامع ٥ / ٣٢٨ ، والبدر الطالع ١ / ٤٨٨.
(٤) ٢ / ٤٩٢.
(٥) ١٨ / ٤٣٣. وينظر : وطبقات الشافعية للسبكي ٥ / ١٤٩ ، طبقات المفسرين للداودي ١ / ٣٣١.
(٦) الأصل (٧١ ب) ، وسورة الأنبياء ٨٤.
(٧) سورة الأنبياء الآية ٧٩ و ٨٤.
(٨) الأصل (١٣ و) ، والأصل (٩٥ ظ) ، وسورة الحجر الآية ٢ والإسراء الآية ٧٩.