وممّا يشهد بذلك قول بندار في عوفٍ المذكور : «كان قدريا رافضيا».
وقال الذهبي بعد نقل الكلامین : «قلت : لكنّه ثقه مكثر» (١).
وبما ذكرنا يظهر أنّ قول الذهبي وابن حجر من أنّ : «الشيعي الغالی في زمان السلف وعُرفهم هو من يتكلّم في عثمان والزبير وطلحة وطائفهٍ ممّن حارب عليّاً رضي اللّٰه عنه وتعرّض لسبّه» (٢) غير صحيح ؛ لأنّ «الشيعي» بلا غلوٍّ ـ في عرفهم ـ هو تقدیمه علی سائر الصحابه جميعاً.
وأمّا قول ابن حجر : «والتشيّع محبّه عليّ وتقديمه علی الصحابه ، فمنْ قدّمه علی أبي بكر وعمر فهو غالٍ في تشيعه ، ويطلق عليه رافضی ، وإلّا فشيعي» (٣).
فإن أراد عُرف السلف ، فقد عرفت ما فيه ..
وإنْ أراد عُرف زمانه كما جاء في كلامه ـ تبعاً للذهبی ـ : «والغالی في زماننا وعُرفنا هو الذي يكفّر هؤلاء الساده ويتبرّأ من الشيخين أيضاً ، فهذا ضالّ مفتر» (٤) ؛ دلّ علی نقطتین مهمّتین :
إحداهما : اختلاف العُرف والاصطلاح أو تبدّله ، وهذا ما ينبغی التمحيص عن أسبابه والغرض منه.
والأُخری : الترادف بين «غلوّ التشيّع» و «الرفض».
وقال الذهبي بترجمة «الدارقطني» «شيخ الإسلام» المتّهم بالتشيّع :
«جمهور الأُمّه علی ترجيح عثمان علی الإمام عليّ ، وإليه نذهب ، والخطب
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٦ : ٣٨٤.
(٢) ميزان الاعتدال ١ : ٦ ، لسان الميزان ١ : ٩ ـ ١٠.
(٣) مقدّمه فتح الباری : ٤٦٠.
(٤) ميزان الاعتدال ١ : ٦ ، لسان الميزان ١ : ١٠.