اخيت بين المهاجرين والأنصار ، ولم أُؤاخ بينك وبين أحد منهم؟! أما ترضي أن تكون مني بمنزله هارون من موسی ، إلّا أنّه ليس بعدي نبيّ ...الحديث (١).
* ونحوه الأحاديث الوارده يوم سدّ الأبواب غير باب عليّ ؛ وحسبك حديث جابر بن عبد اللَّه (٢) ، قال : قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : يا عليّ! إنّه يحلّ لك في المسجد ما يحلّ لي ، وإنّك مني بمنزله هارون من موسی ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي.
وعن حذيفه بن أسيد الغفاری (٣) ، قال : قام النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ـ يوم سدّ الأبواب ـ خطيباً ، فقال : إنّ رجالاً يجدون في أنفسهم شيئاً أن أسكنت
__________________
(١) نقله المتّقی الهندی في كنز العمّال وفي منتخبه ، فراجع من المنتخب ما هو في آخر هامش ص ٣١ من الجزء الخامس من مسند أحمد ، تجده باللفظ الذي أوردناه ، ولا يخفي ما في قوله : أغضبت علیّ؟! من المؤانسه والملاطفه والحنو الأبوی علی الولد المدلّ علی أبيه الرؤوف العطوف.
فإن قلت : كيف ارتاب عليّ من تأخيره في المرّه الثانية مع أنّه كان في المرّه الأُولي قد ارتاب من ذلك ، ثمّ ظهر له أنّ النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، إنّما أخّره لنفسه ، وهلّا قاس الثانية علی الأولي؟!
قلنا : لا تقاس الثانية علی الأُولي ، لأنّ الأُولي كانت خاصّهً بالمهاجرين ، فالقياس لم يكن مانعاً من مؤاخاه النبيّ لعليّ ، بخلاف المؤاخاه الثانية ، فإنّها كانت بين المهاجرين والأنصار ، فالمهاجر في المرّه الثانية إنّما يكون أخوه أنصاريا ، والأنصاري إنّما يكون أخوه مهاجراً ، وحيث أنّ النبيّ والوصي مهاجران ، كان القياس في هذه المرّه أن لا يكونا أخوین ، فظنّ عليّ أن أخاه إنّما يكون أنصاريا قياساً علی غيره ، وحيث لم يؤاخ رسول اللّٰه بينه وبين أحد من الأنصار وجد في نفسه ، لكنّ اللّٰه تعالی ورسوله أبيا إلّا تفضيله ، فكان هو ورسول اللّٰه أخوین علی خلاف القياس المطرد يومئذ بين جميع المهاجرين والأنصار.
(٢) كما في آخر الباب ٩ من ينابيع المودّة ، نقلاً عن كتاب فضائل أهل البيت لأخطب خوارزم.
(٣) كما في الباب ١٧ من ينابيع المودّة.