وهذا من الأدلّه علی جواز إطلاق لفظ الجماعه علی المفرد إذا اقتضته نكته بيانیه.
وقد ذكر الإمام الطبرسی في تفسير الآيه من مجمع البيان : إنّ النكته في إطلاق لفظ الجمع علی أمير المؤمنين تفخيمه وتعظيمه ، وذلك أنّ أهل اللغه يعبّرون بلفظ الجمع عن الواحد علی سبيل التعظيم ... (قال :) وذلك أشهر في كلامهم من أن يحتاج إلی الاستدلال عليه.
وذكر الزمخشری في كشّافه نكته أُخری حيث قال : فإن قلت : كيف صحّ أن يكون لعليّ رضي اللّٰه عنه واللفظ لفظ جماعه؟
قلت : جیء به علی لفظ الجمع ، وإن كان السبب فيه رجلاً واحداً ؛ لیرغب الناس في مثل فعله ، فینالوا مثل نواله ، ولینبّه علی أنّ سجیّه المؤمنين يجب أن تكون علی هذه الغآيه من الحرص علی البرّ والإحسان وتفقّد الفقراء ، حتّی إن لزمهم أمر لا يقبل التأخير ، وهم في الصلاه ، لم يؤخّروه إلی الفراغ منها.
قلت : عندی في ذلك نكته ألطف وأدقّ ، وهی : أنّه إنّما أتی بعباره الجمع دون عباره المفرد بقيا منه تعالی علی كثير من الناس ، فإنّ شانئی عليّ وأعداء بني هاشم وسائر المنافقین وأهل الحسد والتنافس لا يطيقون أن يسمعوها بصيغه المفرد ؛ إذ لا يبقی لهم حينئذ مطمع في تمويه ، ولا ملتمس في التضليل ، فيكون منهم ـ بسبب ياسهم ـ حينئذ ما تُخشی عواقبه علی الإسلام ، فجاءت الآيه بصيغه الجمع مع كونها للمفرد اتّقاءً من معرّتهم ، ثمّ كانت النصوص بعدها تتری بعبارات مختلفه ومقامات متعدّده ، وبثّ فيهم أمر الولايه تدریجاً تدریجاً حتّی أكمل اللّٰه الدين وأتمّ النعمه ، جريا منه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم علی عاده الحكماء في تبليغ الناس ما يشقّ عليهم ، ولو كانت الآيه بالعباره المختصّه بالمفرد ، ل (جَعَلُوا