١ ـ إنّه إذا كان الحديث متّفقاً عليه بين الفريقين ، فإنّ الاعتماد عليه أحزم ، والاستدلال به أتمّ ، لا سیّما إذا كان معتبراً سنداً علی أُصول الخصم باعتراف بعض علماء طائفته.
٢ ـ إنّ الاعتبار السندی لأي حديث ، ليس بمعني أن يكون رواته موثّقین عند جميع أئمّة الجرح والتعديل ، بحيث لو وقع في السند رجل مختلف فيه فلا يكون صحيحاً ، وذلك لأنّ الرجال المتّفق علی وثاقتهم عند القوم قليلون جدّاً ، فإنّ فيهم من يقدح في البخاري وفي مسلم ، والقدح في سائر أرباب الصحاح موجود في غير واحدٍ من كتبهم .. بل يكفي للاحتجاج بالخبر عدم كون رواته مقدوحين عند الكلّ أو الأكثر.
٣ ـ إنّ كلّ حديث ينفرد أحد الطرفين بروايته ، فإنّه لا يكون حجّه علی الطرف الآخر ولا يجوز الاحتجاج به عليه ، وهذه قاعده مقرّره عند علماء الفريقين ، وأصحابنا ملتزمون بها في بحوثهم ، بخلاف الخصوم ، فما أكثر استدلالهم بما ينفردون بروايته في فضل أئمّتهم ، وهذا مخالف للقاعده ..
وممّن نصّ علی هذه القاعده الحافظ ابن حزم الأندلسي ، فإنّه قال في كتابه الفصل في بدآيه مباحث الإمامه ، في الاحتجاج علی الإماميه :
«لا معني لاحتجاجنا عليهم برواياتنا فهم لا يصدّقونها ، ولا معني لاحتجاجهم علينا برواياتهم فنحن لا نصدّقها ، وإنّما يجب أن يحتجّ الخصوم بعضهم علی بعض بما يصدّقه الذي تقام عليه الحجّه به ، سواء صدّقه المحتجّ أو لم يصدّقه ؛ لأنّ من صدّق بشيء لزمه القول به أو بما يوجبه العلم الضروری ، فیصیر حينئذ مكابراً منقطعاً إن ثبت علی ما كان عليه ...» (١).
__________________
(١) الفصل في الملل والأهواء والنحل ٣ : ١٢.