* علی أنّ تواتر حديث الغدير ممّا تقضی به النوامیس التی فطر اللّٰه الطبیعه عليها ، شأن كلّ واقعه تاريخيه عظيمه يقوم بها عظيم الأُمّه ، فيوقعها بمنظر وبمسمع من الأُلوف المجتمعه من أُمّته من أماكن شتّی ، لیحملوا نبأها عنه إلی مَن وراءهم من الناس ، ولا سيّما إذا كانت من بعده محلّ العنآيه من أُسرته وأوليائهم في كلّ خلف ، حتّی بلغوا بنشرها وإذاعتها كلّ مبلغ ، فهل يمكن أن يكون نبؤها ـ والحال هذه ـ من أخبار الآحاد؟! كلّا بل لا بُدّ أن ينتشر انتشار الصبح ، فينظم حاشيتی البرّ والبحر (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللّٰهِ تَحْوِيلاً) (١).
* إنّ حديث الغدير كان محلّ العنآيه من اللّٰه عزّ وجلّ ؛ إذ أوحاه تبارك وتعالی إلی نبیّه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، وأنزل فيه قرآناً يرتّله المسلمون آناء الليل وأطراف النهار ، يتلونه في خلواتهم وجلواتهم ، وفي أورادهم وصلواتهم ، وعلی أعواد منابرهم ، وعوالی منائرهم : (يٰا آيها الرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إليك مِنْ رَبِّك وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمٰا بَلَّغْتَ رِسٰالَتَهُ وَاللّٰهُ يعْصِمُك مِنَ النّٰاسِ) (٢) ، فلمّا بلّغ الرساله يومئذ
__________________
(١) سوره فاطر ٣٥ : ٤٣.
(٢) لا كلام عندنا في نزولها بولآيه عليّ يوم غدير خمّ ، وأخبارنا في ذلك متواتره عن أئمّة العتره الطاهرة ، وحسبك ممّا جاء في ذلك من طريق غيرهم ، ما أخرجه الإمام الواحدي في تفسير الآيه من سوره المائده ص ٢٠٤ من كتابه أسباب النزول ، من طريقين معتبرين عن عطيه ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : نزلت هذه الآيه : «يا آيها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك» يوم غدير خمّ في عليّ بن أبي طالب. قلت : وهو الذي أخرجه الحافظ أبو نعيم في تفسيرها من كتابه نزول القرآن بسندين ، (أحدهما) عن أبي سعید (والآخر) عن أبي رافع ، ورواه الإمام إبراهيم بن محمّد الحمویني الشافعي في كتابه الفرائد بطرق متعدّده عن أبي هريره ، وأخرجه الإمام أبو إسحاق الثعلبي في معني الآيه من تفسيره الكبير ، بسندين معتبرين.
وممّا يشهد له أنّ الصلاه كانت قبل نزولها قائمه ، والزكاه مفروضه ، والصوم كان مشروعاً ، والبيت