بنصّه علی عليّ بالإمامه ، وعهده إليه بالخلافه ، أنزل اللّٰه عزّ وجلّ عليه : (الْيوم أَكمَلْتُ لَكمْ دينكمْ وَأَتْمَمْتُ عليكمْ نِعْمَتِی وَرضيتُ لَكمُ الْإِسْلاٰمَ ديناً) (١) ، بخ بخ (ذٰلِك فَضْلُ اللّٰهِ يؤْتِیهِ مَنْ يشٰاءُ) ؛ إنّ من نظر إلی هذه الآيات ، بخع لهذه العنايات.
* وإذا كانت العنآيه من اللّٰه عزّ وجلّ علی هذا الشكل ، فلا غرو أن يكون من عنآيه رسول اللّٰه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ما كان ، فإنّه لمّا دنا أجله ، ونعيت إلی نفسه ، أجمع ـ بأمر اللّٰه تعالی ـ علی أن ينادي بولآيه عليّ في الحجّ الأكبر علی رؤوس الأشهاد ، ولم يكتف بنصّ الدار يوم الإنذار بمكة ، ولا بغيره من النصوص المتوإليه ، وقد سمعت بعضها ، فأذّن في الناس قبل الموسم أنّه حاجّ في هذا العام حجّه الوداع ، فوافاه الناس من كلّ فجّ عميق ، وخرج من المدينه بنحو مئه ألف أو يزيدون (٢) ..
فلمّا كان يوم الموقف بعرفات نادی في الناس : عليّ مني ، وأنا من عليّ ، ولا يؤدّی عني إلّا أنا أو عليّ (٣).
__________________
محجوجاً ، والحلال بيناً ، والحرام بيناً ، والشریعه متّسقه ، وأحكامها مستتبّه ، فأي شيء غير ولآيه العهد يستوجب من اللّٰه هذا التأكيد ، ويقتضی الحثّ علی بلاغه بما يشبه الوعيد؟! وأي أمر غير الخلافه يخشی النبيّ الفتنة بتبليغه ، ويحتاج إلی العصمه من أذی الناس بأدائه؟!
(١) صحاحنا في نزول هذه الآيه بما قلناه متواتره من طريق العتره الطاهرة ، فلا ريب فيه ، وإن روی البخاري أنّها نزلت يوم عرفه ـ وأهل البيت أدري ـ.
(٢) قال السيّد أحمد زیني دحلان في باب حجّه الوداع من كتابه السيره النبوية : وخرج معه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ـ من المدينه ـ تسعون ألفاً ، ويقال مئه ألف وأربعه وعشرون ألفاً ، ويقال أكثر من ذلك. (قال :) وهذه عدّه من خرج معه ، وأمّا الّذين حجّوا معه فأكثر من ذلك ، إلی آخر كلامه ؛ ومنه يعلم أنّ الّذين قفلوا معه كانوا أكثر من مئه ألف ، وكلّهم شهدوا حديث الغدير.
(٣) أوردنا هذا الحديث في المراجعه ٤٨ ، فراجعه تجده الحديث ١٥ ولنا هناك في أصل الكتاب وفي