وأي أمر يخشی النبيّ الفتنة بتبليغه ، ويحتاج إلی عصمه اللّٰه من أذی المنافقين ببيانه؟!
أكنتم ـ بجدّك لو سألكم عن هذا كلّه ـ تجیبونه بأنّ اللّٰه عزّ وجلّ ورسوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم إنّما أرادا بيان نصره عليّ للمسلمین ، وصداقته لهم ليس إلّا؟!
ما أراكم ترضون هذا الجواب ، ولا أتوهّم أنّكم ترون مضمونه جائزاً علی ربّ الأرباب ، ولا علی سيّد الحكماء وخاتم الرسل والأنبياء!!
وأنتم أجلّ من أن تجوّزوا عليه أن يصرف همه كلّها وعزائمه بأسرها ، إلی تبيين شيء بين لا يحتاج إلی بيان ، وتوضيح أمر واضح بحكم الوجدان والعيان ....
ولا شك أنّكم تنزّهون أفعاله وأقواله عن أن تزدري بها العقلاء ، أو ينتقدها الفلاسفه والحكماء ..
بل لا ريب في أنّكم تعرفون مكانه قوله وفعله من الحكمه والعصمه ؛ وقد قال اللّٰه تعالی : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كرِيمٍ* ذِی قُوَّهٍ عِنْدَ ذِی الْعَرْشِ مَكينٍ* مُطٰاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمٰا صٰاحِبُكمْ بِمَجْنُونٍ) (١) ؛ فيهتمّ بتوضيح الواضحات ، وتبيين ما هو بحكم البديهيات ، ويقدّم لتوضيح هذا الواضح مقدّمات أجنبيه ، لا ربط له بها ولا دخل لها فيه ، تعالی اللّٰه عن ذلك ورسوله علوّاً كبيراً.
وأنت ـ نصر اللّٰه بك الحقّ ـ تعلم أنّ الذي يناسب مقامه في ذلك الهجير ، ويليق بأفعاله وأقواله يوم الغدير ، إنّما هو تبليغ عهده ، وتعيين القائم مقامه من بعده ، والقرائن اللفظيه ، والأدلّه العقليه ، توجب القطع الثابت الجازم بأنّه صلّی اللّٰه
__________________
(١) سوره التكوير ٨١ : ١٩ ـ ٢٢.