عليه وآله وسلّم ما أراد يومئذ إلّا تعيين عليّ وليا لعهده ، وقائماً مقامه من بعده ، فالحديث مع ما قد حفّ به من القرائن نصّ جلیّ ، في خلافه عليّ ، لا يقبل التأويل ، وليس إلی صرفه عن هذا المعني من سبيل ، وهذا واضح (لِمَنْ كٰانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَی السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (١).
* أمّا القرينه التی زعموها فجزاف وتضليل ، ولباقه في التخليط والتهويل ؛ لأنّ النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم بعث عليّاً إلی اليمن مرّتين ، والأُولي كانت سنه ثمان ، وفيها أرجف المرجفون به وشكوه إلی النبيّ بعد رجوعهم إلی المدينه ، فأنكر عليهم ذلك (٢) حتّی أبصروا الغضب في وجهه ، فلم يعودوا لمثلها.
والثانية كانت سنه عشر وفيها عقد النبيّ له اللواء وعمّمه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم بیده ، وقال له : امضِ ولا تلتفت. فمضی لوجهه راشداً مهديا حتّی أنفذ أمر النبيّ ، ووافاه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم في حجّه الوداع ، وقد أهلّ بما أهلّ به رسول اللّٰه فأشركه صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم بهديه ، وفي تلك المرّه لم يرجف به مرجف ، ولا تحامل عليه مجحف ..
فكيف يمكن أن يكون الحديث مسبّباً عمّا قاله المعترضون ، أو مسوقاً للردّ علی أحد كما يزعمون؟!
علی أنّ مجرّد التحامل علی عليّ ، لا يمكن أن يكون سبباً لثناء النبيّ عليه بالشكل الذي أشاد به صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم علی منبر الحدائج يوم خمّ ، إلّا أن يكون ـ والعياذ باللّٰه ـ مجازفاً في أقواله وأفعاله ، وهممه وعزائمه ، وحاشا قدسیّ حكمته البالغه ؛ فإنّ اللّٰه سبحانه يقول : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كرِیمٍ* وَمٰا هُوَ بِقَوْلِ
__________________
(١) سوره ق ٥٠ : ٣٧.
(٢) كما بيناه في المراجعه ٣٦ ، فراجعها ولا يفوتنّك ما علّقناه عليها.