شٰاعِرٍ قَليلاً مٰا تُؤْمِنُونَ* وَلاٰ بِقَوْلِ كٰاهِنٍ قَليلاً مٰا تَذَكرُونَ* تنزيل مِنْ رَبِّ الْعٰالَمِينَ) (١) ..
ولو أراد مجرّد بيان فضله ، والردّ علی المتحاملین عليه ، لقال : هذا ابن عمی ، وصهری ، وأبو ولدی ، وسيّد أهل بيتی ، فلا تؤذوني فيه ، أو نحو ذلك من الأقوال الدالّه علی مجرّد الفضل وجلاله القدر ..
علی أن لفظ الحديث (٢) لا يتبادر إلی الأذهان منه إلّا ما قلناه ، فليكن سببه مهما كان ، فإنّ الألفاظ إنّما تُحمل علی ما يتبادر إلی الأفهام منها ، ولا يلتفت إلی أسبابها ، كما لا يخفي.
وأمّا ذكر أهل بيته في حديث الغدير ، فإنّه من مؤیّدات المعني الذي قلناه ، حيث قرنهم بمحكم الكتاب وجعلهم قدوه لأُولي الألباب ؛ فقال : إني تارك فیكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّٰه ، وعترتی أهل بيتی. وإنّما فعل ذلك لتعلم الأُمّه أن لا مرجع بعد نبیّها إلّا إليهما ، ولا معوّل لها من بعده إلّا عليهما ..
وحسبك في وجوب اتّباع الأئمّة من العتره الطاهرة اقترانهم بكتاب اللّٰه عزّ وجلّ الذي (لاٰ ياتِيهِ الْبٰاطِلُ مِنْ بين يديه وَلاٰ مِنْ خَلْفِهِ) (٣) ، فكما لا يجوز الرجوع إلی كتاب يخالف في حكمه كتاب اللّٰه سبحانه وتعالی ، لا يجوز الرجوع إلی إمام يخالف في حكمه أئمّة العتره.
وقوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم : إنّهما لن ينقضيا ، أو : لن يفترقا ، حتّی يردا عليّ الحوض ، دليل علی أنّ الأرض لن تخلو بعده من إمام منهم هو عدل الكتاب ، ومَن تدبّر الحديث وجده يرمي إلی حصر الخلافه في أئمّة العتره الطاهرة.
__________________
(١) سوره الحاقّه ٦٩ : ٤٠ ـ ٤٣.
(٢) ولا سيّما بسبب ما أشرنا إليه من القرائن العقلیه والنقلیه.
(٣) سوره فصّلت ٤١ : ٤٢.