وقال النيسابوري بتفسير الآيه : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَی اللّٰهِ مَوْلاٰهُمُ الْحَقِّ) (١) : «والمعني : إنّهم كانوا في الدنيا تحت تصرّفات الموالي الباطله ، وهی النفس والشهوه والغضب ، فإذا ماتوا انتقلوا إلی تصرف المولي الحقّ» (٢).
وثانياً : قد ثبت مجیء «المولي» بمعني «متولي الأمر» (٣) ، ولا فرق بين «المتولي» و «المتصرّف» كما لا يخفي.
ونكتفي بعباره الفخر الرازي بتفسير قوله تعالی : (أَنْتَ مَوْلاٰنٰا فَانْصُرْنٰا عَلَی الْقَوْمِ الْكٰافِرِينَ) (٤) ، قال : «وفي قوله : (أَنْتَ مَوْلاٰنٰا) ، فائده أُخری ، وذلك : إنّ هذه الكلمه تدلّ علی نهآيه الخضوع والتذلّل والاعتراف بأنّه سبحانه هو المتولي لكلّ نعمه يصلون إليها ، وهو المعطی لكلّ مكرمه يفوزون بها ، فلا جرم أظهروا عند الدعاء أنّهم في كونهم متّكلین علی فضله وإحسانه ، بمنزله الطفل الذي لا تتمّ مصلحته إلّا بتدبیر قیّمه ، والعبد الذي لا ينتظم شمل مهمّاته إلّا بإصلاح مولاه ، فهو سبحانه قيوم السماوات والأرض والقائم بإصلاح مهمّات الكلّ ، وهو المتولي في الحقيقة للكلّ علی ما قال ، (نِعْمَ الْمَوليٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (٥)» (٦).
وثالثاً : قد ثبت مجیء «المولي» بمعني «الملیك» ، وهل «الملیك» إلّا
__________________
(١) سوره الأنعام ٦ : ٦٢.
(٢) تفسير رائب القرآن ٣ : ٩٥ ، وانظر : تفسير الفخر الرازي ١٣ : ١٨.
(٣) الكشاف ٢ : ٣٥٦ ، أنوار التنزيل وأسرار التأويل : ٧١٦ ، تفسير النسفي ١ : ٣٦٩ ، البحر المحیط ٥ : ٤٣٣ و ٦ : ٥٢ ، تفسير رائب القرآن ٦ : ٣٢٠ ، تفسير الجلالین بهامش تفسير البیضاوی ٢ : ١٠١ ، تفسير أبي السعود ٨ : ٢٦٦.
(٤) سوره البقره ٢ : ٢٨٦.
(٥) تفسير الرازي ٧ : ١٦١.
(٦) تفسير الرازي ٧ : ١٦١.