ولكنّ المعترضين لا يعلمون ، ولو عرفوا الحقيقة لعلموا أنّ الشيعه إنّما جروا علی منهاج العتره الطاهرة ، واتّسموا بسماتها ، وأنّهم لا يطبعون إلّا علی غرارها ، ولا يضربون إلّا علی قالبها ، فلا نظير لمن اعتمدوا عليه من رجالهم في الصدق والأمانه ، ولا قرین لمن احتجّوا به من أبطالهم في الورع والاحتياط ، ولا شبيه لمن ركنوا إليه من أبدالهم في الزهد والعباده وكرم الأخلاق ، وتهذيب النفس ومجاهدتها ومحاسبتها بكلّ دقه آناء الليل وأطراف النهار ، لا يبارون في الحفظ والضبط والإتقان ، ولا يجارون في تمحيص الحقائق والبحث عنها بكلّ دقّه واعتدال.
فلو تجلَّت للمعترض حقيقتهم ـ بما هی في الواقع ونفس الأمر ـ لناط بهم ثقته ، وألقی إليهم مقاليده ، لكنّ جهله بهم جعله في أمرهم كخابط عشواء ، أو راكب عمياء في ليلهٍ ظلماء ، يتّهم ثقه الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني ، وصدوق المسلمين محمّد بن علی بن بابويه القمّی ، وشيخ الأُمّه محمّد بن الحسن بن علی الطوسي ، ويستخفُّ بكتبهم المقدّسه ـ وهی مستودع علوم آل محمّد صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ـ ويرتاب في شیوخهم أبطال العلم وأبدال الأرض ، الّذين قصروا أعمارهم علی النصح للّٰه تعالی ولكتابه ولرسوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم ، ولأئمّة المسلمين ولعامّتهم.
وقد علم البرّ والفاجر حكم الكذب عند هؤلاء الأبرار ، والأُلوف من مؤلّفاتهم المنتشره تلعن الكاذبين ، وتعلن أنّ الكذب في الحديث من الموبقات الموجبه لدخول النار ، ولهم في تعمّد الكذب في الحديث حكم قد امتازوا به ، حيث جعلوه من مفطّرات الصائم ، وأوجبوا القضاء والكفّاره علی مرتكبه في شهر رمضان كما أوجبوهما بتعمّد سائر المفطّرات ، وفقههم وحديثهم صريحان بذلك.