لكنّ المحقّقين منهم ذهبوا إلی وجود الأحاديث والآثار الباطله والمكذوبه في الصحيحين أيضاً ، فهناك عدد كبير من الأخبار في الكتابين تكلّم فيها العلماء ، حتّی إن بعضهم ـ كابن الجوزي ـ أورد من أخبارهما في كتابه الموضوعات ، ونصَّ ابن تيميّة علی إنّ كتاب البخاري فيه أغلاط.
فمن الأحاديث التی أبطلها جماعه من الأعلام : ما أخرجه البخاري في كتاب التفسير بإسناده عن ابن عمر ، قال : «لمّا توفي عبد اللَّه بن أبي ، جاء ابنه عبد اللَّه بن عبد اللَّه إلی رسول اللّٰه فسأله أن يعطیه قمیصه يكفّن فيه أباه ، فأعطاه ، ثمّ سأله أنْ يصلّی عليه ، فقام عمر فأخذ بثوب رسول اللّٰه ، فقال : يا رسول اللّٰه تصلّی عليه وقد نهاك ربّك أنْ تصلّی عليه؟! فقال رسول اللّٰه : إنّما خيرني اللّٰه فقال : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاٰ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّهً) وسأزيده علی السبعین. قال : إنّه منافق! قال : فصلّی عليه رسول اللّٰه. فأنزل اللّٰه : (وَلاٰ تُصَلِّ عَلیٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مٰاتَ أَبَداً وَلاٰ تَقُمْ عَلیٰ قَبْرِهِ)».
وقد تكلّم في هذا الحديث عدّه من أعلام الأئمّة المحقّقين ، كالباقلّاني ، وإمام الحرمین الجویني ، والغزّالی ، والداودی ...قال الحافظ ابن حجر في شرحه :
«أقدم جماعه من الأكابر علی الطعن في صحّه هذا الحديث» فذكر كلمات بعضهم (١) وذكرها القسطلاني أيضاً وقال : «هذا عجيب من هؤلاء الأئمّة» (٢).
وممّا أخرجه مسلم والبخاري وتكلّم فيه العلماء ، ما أخرجاه في قصّه الإسراء عن شریك ، عن أنس بن مالك ، قال : «ليله أُسری برسول اللّٰه من مسجد الكعبه : أنّه جاءه ثلاثه نفر قبل أن يوحی إليه وهو نائم ...» فقالوا : «[قبل أنْ يوحی
__________________
(١) فتح الباری بشرح صحيح البخاري ٨ : ٢٧٢.
(٢) إرشاد الساری لشرح صحيح البخاري ٧ : ١٥٥.