لما حضره الموت ـ ادعوا لي حبيبي. فدعوت له أبا بكر ، فنظر اليه ثم وضع رأسه ، ثم قال : ادعوا لي حبيبي. فدعوت له عمر ، فنظر اليه ثم وضع رأسه ، ثم قال : ادعوا لي حبيبي. فقلت : ويلكم أدعوا له عليا فو الله ما يريد غيره. فلما رآه أفرج الثوب الذي كان عليه ثم أدخله معه. فلم يزل محتضنه حتى قبض ويده عليه » (١).
ورووا عن سعد بن أبي وقاص قال : قدم معاوية في بعض حجاته فدخل على سعد ، فذكروا عليا ، فنال منه ، فغضب سعد وقال : تقول هذا لرجل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول له ثلاث خصال لئن تكون له واحدة منهن أحب الي من الدنيا وما فيها.
سمعته يقول : من كنت مولاه فعليّ مولاه.
وسمعته يقول : لأعطينّ الراية رجلا يحب الله ورسوله.
وسمعته يقول : أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبيّ بعدي ».
فما الذي فهم من « الولاية » و « الحب » و « المنزلة » وتمنى حصوله له مرجحا إياه على الدنيا وما فيها؟!
__________________
(١) بحث الحافظ ابن الجوزي مسألة صلاة أبى بكر في مرض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في رسالة له اسمها ( آفة أصحاب الحديث ). فأثبت فيها خروج النبي عند ذاك الى المسجد وإقامته تلك الصلاة بنفسه الشريفة ، وقد نشرنا هذه الرسالة لاول مرة سنة ١٣٩٨. مكتبة نينوى الحديثة ـ طهران ـ مع مقدمة أثبتنا فيها كون خروج أبى بكر بأمر من عائشة لا من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وذكرنا فيها مطالب جليلة ، وأضفنا الى تلك الرسالة فوائد علمية وتعاليق هامة لا تخفى قيمتها على الباحثين. ثمّ بحثنا ذلك في رسالة مفردة نشرت والحمد لله.