أحاديث الكتاب فساقوها من مروياتهم عالية بدرجة وبدرجتين ونحو ذلك ، حتى أتوا على الجميع هكذا ، وسموه ( المستخرج على صحيح مسلم ) ، فعل ذلك عدة من فرسان الحديث منهم :
أبو بكر محمد بن محمد بن رجا ، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفراييني ـ وزاد في كتابه متونا معروفة بعضها لين ـ والزاهد ابو جعفر احمد بن حمدان الحيري ، وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه ، وأبو حامد احمد بن محمد الشاذلى الهروي ، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن زكريا الجوزقى ، والامام أبو الحسن الماسرخسى ، وأبو نعيم احمد بن عبد الله بن احمد الاصبهاني ، وآخرون لا يحضرني ذكرهم الآن » (١).
هذا ، ولو كان كلام ابن الجوزي حقا لما جاز وصف مسلم وكتابه الصحيح بهذه الأوصاف البالغة النهاية في التعظيم والتكريم ، وذلك لروايته حديث الثقلين غير الصحيح ـ في زعم ابن الجوزي ـ في كتابه المعروف بالصحيح.
نقل النووي والشيخ عبد الحق الدهلوي عن احمد بن سلمة قوله : « رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما » (٢).
وقال النووي بترجمته ايضا : « واعلم أن مسلما رحمهالله احد أعلام أئمة هذا الشأن وكبار المبرزين فيه ، وأهل الحفظ والإتقان والرحالين في طلبه الى أئمة الأقطار والبلدان ، والمعترف له بالتقدم فيه بلا خلاف عند أهل الحذق والعرفان ، والمرجوع الى كتابه والمعتمد عليه في كل الأزمان ».
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٥٥٧.
(٢) تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ٩١. أسماء رجال المشكاة.