وبعد الاطلاع على ذلك لا يبقى ريب في كون عطية ثقة ، لان عدم رواية أحمد عن غير الشقة لا يخلو اما انه لا يروي عنه سواء بواسطة أو بلا واسطة ، وذلك هو الظاهر بل المتعين كما ستعرفه عن قريب ، فلا شك في وثوق عطية ، وأما أنه لا يروي عنه بلا واسطة ، لكن المانع من الرواية عنه مباشرة موجود في هذه الصورة أيضا ، فلا شك في ثقته على الصورتين.
لقد أخرج أحمد في ( مسنده ) عن عطية روايات كثيرة ، كما لا يخفى على من طالعه ، بل انه أخرج حديث الثقلين بالخصوص عنه عن أبي سعيد الخدري ، وظاهر أن أحمد لم يرو الا عمن ثبت عنده صدقه وديانته ، كما ذكر عبد الوهاب السبكي في ( طبقات الشافعية ) حيث قال بترجمته : « وقال أبو موسى المديني لم يخرج الا عمن ثبت عنده صدقه وديانته ، دون من طعن في أمانته ».
وبهذا كله ظهر أن نسبة تضعيف عطية الى أحمد افك عظيم وظلم كبير ، فالعجب من ابن الجوزي كيف خاض في غمار جحود فضائل أهل البيت حتى أنكر الحقائق ونفى البديهيات ، وكيف صدرت منه هذه المجازفة بحق أحمد ومسنده وهو حنبلي المذهب؟
لقد صرح الحافظ سبط ابن الجوزي بوثاقة عطية ، ورد تضعيفه حيث قال (١) بعد أن أورد قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لعلي عليهالسلام : لا يحل لاحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك « فان قيل : فعطية ضعيف ، قالوا والدليل على ضعف الحديث أن الترمذي قال : وحدثت بهذا الحديث أو
__________________
(١) تذكرة خواص الامة : ٤٢.