من أكابر محدثي أبناء السنة المتأخرين ـ حول رواية مسلم المذكورة كافيا في الرد على هذا الزعم الفاسد ، فاننا ننقله بنصه :
« ووجدنا في أهل البيت سلام الله تعالى عليهم أجمعين وتحيته ، حديث التمسك المشهور ، وفتشنا عن مخرجيه ، فإذا هو أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري في صحيحه ، ولفظه من حديث زيد بن أرقم قال : قام فينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : اما بعد يا أيها الناس انما أنا بشر مثلكم يوشك أن يأتيني رسول ربي عز وجل فأجيبه ، واني تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله عز وجل فيه الهدى والنور ، فتمسكوا بكتاب الله عز وجل وخذوا به ، وحث فيه ورغب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ـ ثلاث مرات ـ الحديث.
فنظرنا فيه فوجدناه يعبر عن القرآن واهل البيت بالثقلين ، وهو كل نفيس خطير مصون ، ففهمنا نفاسة أهل البيت وخطرهم وصونهم من قبيل كل تلك الأوصاف التي للقرآن ، للجمع بينهما بذلك ، وعلمنا أن هذه الأوصاف وغيرها للقرآن ، يرجع عمدتها الى إفادة علوم المعارف الالهية والاحكام الشرعية ، فظننا أنها في أهل البيت على منوالها في القرآن راجعة الى إفادة تلك العلوم ، وقد اعتضدنا في هذا بقوله صلّى الله عليه وسلّم في هذا الحديث : « يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه واني تارك فيكم الثقلين » ، فان النبي لا يوصى أمته بعده الا بالقيام على الحق والسنة ، فترك الثقلين فيها والوصية بهما ليس الا لكونهما خليفتين منه صلّى الله عليه وسلّم في الإرشاد الى ذلك.
فظننا أنه كما وقع التصريح بالتمسك بكتاب الله فكذا المراد التمسك بأهل البيت ، ان كان قوله « أهل بيتي » عطفا على أولهما بتقدير لفظ « ثانيهما » بقرينة القرين أو فهمه من غير تقدير ، ولا صحة لعطفه على « كتاب الله »