القحط (قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ) أي السبب الذي يحدث عنه خيركم أو شركم : هو عند الله وهو قضاؤه وقدره ، وذلك رد عليهم في تطيرهم ، ونسبتهم ما أصابهم من القحط إلى صالح عليهالسلام (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ) يعني مدينة ثمود (يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) قيل : إنهم كانوا يقرضون الدنانير والدراهم ولفظ الفساد أعم من ذلك (تَقاسَمُوا بِاللهِ) أي حلفوا بالله ، وقيل : إنه فعل ماض وذلك ضعيف ، والصحيح أنه فعل أمر قاله بعضهم لبعض ، وتعاقدوا عليه (لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ) أي لنقتلنه وأهله بالليل ، وهذا هو الفعل الذي تحالفوا عليه (ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ) أي نتبرأ من دمه إن طلبنا به وليه ، ومهلك يحتمل أن يكون اسم مصدر أو زمان أو مكان ، فإن قيل : إن قولهم : ما شهدنا مهلك أهله يقتضي التبري من دم أهله ، دون التبري من دمه ، فالجواب من ثلاثة أوجه : الأول أنهم أرادوا ما شهدنا مهلكه ومهلك أهله ، وحذف مهلكه لدلالة قولهم لنبيتنه وأهله ، والثاني أن أهل الإنسان قد يراد به هو وهم لقوله «وأغرقنا آل فرعون» يعني فرعون وقومه ، الثالث : أنهم قالوا مهلك أهله خاصة ليكونوا صادقين ، فإنهم شهدوا مهلكه ومهلك أهله معا ، وأرادوا التعريض في كلامهم لئلا يكذبوا.
(وَإِنَّا لَصادِقُونَ) يحتمل أن يكون قولهم : وإنا لصادقون مغالطة مع اعتقادهم أنهم كاذبون ، ويحتمل أنهم قصدوا وجها من التعريض ليخرجوا به عن الكذب وقد ذكرناه في الجواب الثالث عن مهلك أهله ، وهو أنهم قصدوا أن يقتلوا صالحا وأهله معا ، ثم يقولون : ما شهدنا مهلك أهله وحدهم وإنا لصادقون في ذلك بل يعنون أنهم شهدوا مهلكه ومهلك أهله معا. وعلى ذلك حمله الزمخشري (أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ) روي أن الرهط الذين تقاسموا على قتل صالح اختفوا ليلا في غار ، قريبا من داره ليخرجوا منه إلى داره بالليل ، فوقعت عليهم صخرة فأهلكتهم ، ثم هلك قومهم بالصيحة ولم يعلم بعضهم بهلاك بعض ، ونجا صالح ومن آمن به (وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) قيل : معناه تبصرون بقلوبكم أنها معصية وقيل : تبصرون بأبصاركم لأنهم كانوا ينكشفون بفعل ذلك ولا يستتر بعضهم من بعض ، وقيل : تبصرون آثار الكفار قبلكم وما نزل بهم من العذاب «يتطهرون» «والغابرين» «وأمطرنا» قد ذكر.