خطابا لإبراهيم وبعد ذلك ذكر جواب قومه له (مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) نصب مودة على أنها مفعول من أجله أو مفعول ثان لاتخذتم ، ورفعها (١) على أنها خبر ابتداء مضمر أو خبر إن ، وتكون ما موصولة ونصب بينكم على الظرفية ، وخفضه بالإضافة (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) تضمن آمن معنى انقاد ، ولذلك تعدّى باللام (وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي) القائل لذلك إبراهيم ، وقيل : لوط ، وهاجرا من بلادهما بأرض بابل إلى الشام (وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ) أكثر الأنبياء من ذرية إبراهيم ، وعلى ذريته أنزل الله التوراة والإنجيل والزبور والفرقان (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) قيل أراد قطع الطرق للسلب والقتل ، وقيل : أراد قطع سبيل النسل بترك النساء وإتيان الرجال (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) النادي المجلس الذي يجتمع فيه الناس ، والمنكر فعلهم بالرجال ، وقيل : إذايتهم للناس (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى) الرسل هنا الملائكة والبشرى بشارة إبراهيم بالولد وهو قوله : «فبشروه بغلام حليم» أو بشارته بنصر سيدنا لوط ، والأول أظهر (أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ) يعني قرية سيدنا لوط ، (قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً) ليس إخبارا بأنه فيها ، وإنما قصد نجاة سيدنا لوط من العذاب الذي يصيب أهل القرية ، وبراءته من الظلم الذي وصفوه به ، فكأنه قال : كيف تهلكون أهل القرية وفيها لوط ، وكيف تقولون إنهم ظالمون وفيهم لوط (مِنَ الْغابِرِينَ) قد ذكر (٢) وكذلك سيء بهم (رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) أي عذابا (وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ) قيل : الرجاء هنا الخوف ،
__________________
(١). مودة : قرأها بالرفع أبو عمرو والكسائي.
(٢). مر شرح الغابرين في سورة الأعراف : ٨٣. وأيضا سيء في هود : ٧٧.