وقيل : هو على بابه (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ) يعني نقصهم المكيال والميزان (الرَّجْفَةُ) هي الصيحة (وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ) أي آثار مساكنهم باقية تدل على ما أصابهم (وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) قيل : معناه لهم بصيرة في كفرهم وإعجاب به ، وقيل : لهم بصيرة في الإيمان ، ولكنهم كفروا عنادا ، وقيل : معنى : مستبصرين عقلاء متمكنين من النظر والاستدلال ، ولكنهم لم يفعلوا (وَما كانُوا سابِقِينَ) أي لم يفوتونا (فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً) الحاصب الحجارة ، والحاصب أيضا الريح الشديدة ، ويحتمل عندي أنه أراد به المعنيين ، لأن قوم سيدنا لوط أهلكوا بالحجارة ، وعاد أهلكوا بالريح ، وإن حملناه على المعنى الواحد نقص ذكر الآخر ، وقد أجاز كثير من الناس استعمال اللفظ الواحد في معنيين كقوله : «إن الله وملائكته يصلون على النبي» ويقوي ذلك هنا لأن المقصود هنا ذكر عموم أخذ أصناف الكفار (وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ) يعني ثمود ومدين (وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ) يعني قارون (وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا) يعني قوم نوح وفرعون وقومه (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً) شبه الله الكافرين في عبادتهم للأصنام بالعنكبوت في بنائها بيتا ضعيفا ، فكان ما اعتمدت عليه العنكبوت في بيتها ليس بشيء ، فكذلك ما اعتمدت عليه الكفار من آلهتهم ليس بشيء لأنهم لا ينفعون ولا يضرون (أَوْهَنَ الْبُيُوتِ) أي أضعفها (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) أي لو كانوا يعلمون أن هذا مثلهم (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) ما موصولة بمعنى الذي مفعولة للفعل الذي قبلها وقيل : هي نافية ، والفعل معلق عنها والمعنى على هذا : لستم تدعون من دون الله شيئا له بال ، فلا يصلح أن يسمى شيئا (بِالْحَقِ) أي بالواجب لا على وجه العبث واللعب.
(إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) إذا كان المصلي خاشعا في صلاته ، متذكرا لعظمة من وقف بين يديه ، حمله ذلك على التوبة من الفحشاء والمنكر ؛ فكأن الصلاة ناهية عن ذلك (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قيل : فيه ثلاثة معان ؛ الأول أن المعنى أن الصلاة أكبر من