وعقبة بن أبي معيط (ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) الذي نعت بالعذاب ، ولذلك أعاد عليه الضمير المذكور في قوله به ، فإن قيل : لم وصف هنا العذاب وأعاد عليه الضمير ، ووصف في سبأ النار وأعاد عليها الضمير ، وقال عذاب النار التي كنتم بها تكذبون؟ فالجواب من ثلاثة أوجه : الأول أنه خص العذاب في السجدة بالوصف اعتناء به لما تكرر ذكره في قوله : ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر ، والثاني : أنه قدم في السجدة ذكر النار ، فكان الأصل أن يذكرها بعد ذلك بلفظ الضمير ، لكنه جعل الظاهر مكان المضمر فكما لا يوصف المضمر لم يوصف ما قام مقامه وهو النار ، ووصف العذاب ولم يصف النار ، الثالث وهو الأقوى أنه امتنع في السجدة وصف النار فوصف العذاب ، وإنما امتنع وصفها لتقدم ذكرها ، فإنك إذا ذكرت شيئا ثم كررت ذكره لم يجز وصفه ، كقولك : رأيت رجلا فأكرمت الرجل ، فلا يجوز وصفه لئلا يفهم أنه غيره.
(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى) يعني الجوع ومصائب الدنيا وقيل : القتل يوم بدر ، وقيل : عذاب القبر وهذا بعيد لقوله («لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) هذا وعيد لمن ذكّر بآيات ربه فأعرض عنها ، وكان الأصل أن يقول : إنا منه منتقمون ، ولكنه وضع المجرمين موضع المضمر ليصفهم بالإجرام ، وقدّم المجرور في منتقمون للمبالغة (فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ) المرية الشك ، والضمير لموسى : أي لا تمتر في لقائك موسى ليلة الإسراء وقيل : المعنى لا تشك في لقاء موسى ، والكتاب الذي أنزل عليه ، والكتاب على هذا التوراة ، وقيل : الكتاب هنا جنس ، والمعنى : لقد آتينا موسى الكتاب فلا تشك أنت في لقائك الكتاب الذي أنزل عليك ، وعبر باللقاء عن إنزال الكتاب كقوله : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ) [النمل : ٦] (يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ) الضمير لجميع الخلق ، وقيل : لبني إسرائيل خاصة (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) ذكر في [طه : ١٢٨] (يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) الضمير في يمشون لأهل مكة : أي يمشون في مساكن القوم المهلكين : كقوله (وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ) [العنكبوت : ٣٨] وقيل : الضمير للمهلكين : أي أهلكناهم وهم يمشون في