مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي) ردّ على المشركين والمعنى هذا الكتاب الذي معي ، والكتب التي من قبلي ليس فيهما ما يقتضي الإشراك بالله ، بل كلها متفقة على التوحيد (وَما أَرْسَلْنا) الآية : ردّ على المشركين ، والمعنى أن كل رسول إنما أتى بلا إله إلا الله (عِبادٌ مُكْرَمُونَ) يعني الملائكة ، وهم الذين قال فيهم بعض الكفار أنهم بنات الله ، فوصفهم بالعبودية لأنها تناقض النبوّة ، ووصفهم بالكرامة ، لأن ذلك هو الذي غر الكفار حتى قالوا فيهم ما قالوا (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ) أي لا يتكلمون حتى يتكلم هو تأدّبا معه (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) أي لمن ارتضى أن يشفع له ، ويحتمل أن تكون هذه الشفاعة في الآخرة أو في الدنيا ، وهي استغفارهم لمن في الأرض (مُشْفِقُونَ) أي خائفون (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ) الآية على فرض أن لو قالوا ذلك ، ولكنهم لا يقولونه ، وإنما مقصد الآية الردّ على المشركين وقيل : إن الذي قال : إني إله هو إبليس لعنه الله.
(كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) الرتق مصدر وصف به ، ومعناه الملتصق بعضه ببعض الذي لا صدع فيه ولا فتح ، والفتق : الفتح فقيل : كانت السموات ملصقة بالأرض ففتقها الله بالهواء ، وقيل كانت السموات ملتصقة بعضها ببعض ، والأرضون كذلك ففتقهما الله سبعا سبعا ، والرؤية في قوله أو لم ير على هذا رؤية قلب ، وقيل : فتق السماء بالمطر وفتق الأرض بالنبات ، فالرؤية على هذا رؤية عين.
(وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) أي خلقنا من الماء كل حيوان ، ويعني بالماء المنيّ. وقيل : الماء الذي يشرب ، لأنه سبب لحياة الحيوان ، ويدخل في ذلك النبات باستعارة (رَواسِيَ) يعني الجبال (أَنْ تَمِيدَ) تقديره كراهية أن تميد (فِجاجاً) يعني الطرق الكبار ، وإعرابه عند الزمخشري حال من السبل ، لأنه صفة تقدّمت على النكرة (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) يعني في طرقهم وتصرفاتهم (سَقْفاً مَحْفُوظاً) أي حفظ من السقوط ومن الشياطين (عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ) يعني الكواكب والأمطار والرعد والبرق وغير ذلك (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) التنوين في كل عوض عن الإضافة أي : كلهم في فلك يسبحون يعني ؛ الشمس والقمر ، دون الليل والنهار ، إذ لا يوصف الليل والنهار بالسبح في الفلك فالجملة