حق أو خبر مبتدأ مضمر (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ) النبأ : الخبر ، ويعني به ما تضمنته الشريعة من التوحيد والرسالة والدار الآخرة ، وقيل : هو القرآن ، وقيل : هو يوم القيامة والأول أعم وأرجح (ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ) الملأ الأعلى هم الملائكة ومقصد الآية الإحتجاج على نبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم ، لأنه أخبر بأمور لم يكن يعلمها قبل ذلك ، والضمير في يختصمون للملأ الأعلى ، واختصامهم هو في قصة آدم حين قال لهم : إني جاعل في الأرض خليفة حسبما تضمنته قصته في مواضع من القرآن ، وفي الحديث أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم رأى ربه فقال : يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى فقال : لا أدري قال في الكفارات وهي إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد الحديث (١) بطوله ، وقيل : الضمير في يختصمون للكفار : أي يختصمون في الملأ الأعلى فيقول بعضهم هم بنات الله ، ويقول آخرون : هم آلهة تعبد ، وهذا بعيد.
(إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) إذ بدل من إذ يختصمون ، وقد ذكرنا في البقرة معنى سجود الملائكة لآدم ، ومعنى كفر إبليس وذكرنا في [الحجر : ٢٩] معنى قوله تعالى (مِنْ رُوحِي)(قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) الضمير في قال لله عزوجل ، وبيديّ من المتشابه الذي ينبغي الإيمان به ، وتسليم علم حقيقته إلى الله ، وقال المتأوّلون : هو عبارة عن القدرة ، وقال القاضي أبو بكر بن الطيب [الباقلاني] : إن اليد والعين والوجه صفات زائدة على الصفات المتقرّرة ، قال ابن عطية : وهذا قول مرغوب عنه ، وحكى الزمخشري : أن معنى خلقت بيدي خلقت بغير واسطة (أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) دخلت همزة الاستفهام على ألف الوصل فحذفت ألف الوصل ، وأم هنا معادلة ، والمعنى أستكبرت الآن أم كنت قديما ممن يعلو ويستكبر ، وهذا على وجه التوبيخ له (رَجِيمٌ) أي لعين مطرود (إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) يعني القيامة ، وقد تقدم الكلام
__________________
(١). روى مسلم آخر الحديث عن أبي هريرة وأوله : ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا بلى يا رسول الله قال : إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط. وانظر رياض الصالحين.