(بَلْ تَأْتِيهِمْ) الضمير الفاعل للنار ، وقيل للساعة (فَتَبْهَتُهُمْ) أي تفجؤهم (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) أي لا يؤخرون عن العذاب (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ) الآية تسلية بالتأسي (فَحاقَ) أي أحاط.
(مَنْ يَكْلَؤُكُمْ) أي من يحفظكم من أمر الله ، ومن استفهامية ، والمعنى تهديد ، وإقامة حجة ، لأنهم لو أجابوا عن هذا السؤال لاعترفوا أنهم ليس لهم مانع ولا حافظ ، ثم جاء قوله (بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ) بمعنى أنهم إذا سئلوا عن ذلك السؤال لم يجيبوا عنه لأنهم تقوم عليهم الحجة إن أجابوا ، ولكنهم يعرضون عن ذكر الله : أي عن الجواب الذي فيه ذكر الله ، وقال الزمخشري : معنى الإضراب هنا أنهم معرضون عن ذكره ، فضلا عن أن يخافوا بأسه (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا) أي تمنعهم من العذاب ، وأم هنا للاستفهام ، والمعنى الإنكار والنفي ، وذلك أنه لما سألهم عمن يكلؤهم : أخبر بعد ذلك أن آلهتهم لا تمنعهم ولا تحفظهم ثم احتج عن ذلك بقوله : لا يستطيعون نصر أنفسهم ، فإن من لا ينصر نفسه أولى أن لا ينصر غيره (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) الضمير للكفار :
أي لا يصحبون منا بنصر ولا حفظ (بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ) أي متعناهم بالنعم والعافية في الدنيا ، فطغوا بذلك ونسوا عقاب الله ، والإضراب ببل عن معنى الكلام المتقدم : أي لم يحملهم على الكفر والاستهزاء نصر ولا حفظ ، بل حملهم على ذلك أنا متعناهم وآباءهم.
(نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) ذكر في [الرعد : ٤٣] (وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ) إشارة إلى الكفار ، والصم استعارة في إفراط إعراضهم (نَفْحَةٌ) أي خطرة (١) وفيها تقليل العذاب ، والمعنى أنهم لو رأوا أقل شيء من عذاب الله لأذعنوا واعترفوا بذنوبهم (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ) أي العدل ، وإنما أفرد القسط وهو صفة للجمع ، لأنه مصدر وصف به كالعدل والرضا ، وعلى تقدير ذوات القسط ، ومذهب أهل السنة أن الميزان يوم القيامة حقيقة ، له كفتان ولسان وعمود توزن فيه الأعمال ، والخفة والثقل متعلقة بالأجسام ، إما صحف الأعمال ، أو ما شاء الله ، وقالت المعتزلة : إن الميزان عبارة عن العدل في الجزاء (لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) ، وقال ابن عطية تقديره : لحساب يوم القيامة ، أو لحكمة ، فهو على حذف مضاف
__________________
(١). كذا وفي الطبري : حظ أو نصيب.