متصل بما تقدم من ذكر الله ، واعترض في أثناء ذلك بوصف القيامة لما استطرد إليه من قوله لينذر يوم التلاق (١) (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) حجة ظاهرة وهي المعجزات (قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) هذا القتل غير القتل الذي كانوا يقتلون أولا قبل ميلاد موسى.
(وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) المعنى : أنه لا يبالى بدعاء موسى لربه ، ولا يخاف من ذلك إن قتله ، ويظهر من قوله : ذروني أنه كان في الناس من ينازعه في قتل موسى ، وذلك يدل على أن فرعون كان قد اضطرب أمره بظهور معجزات موسى (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) يعني فساد أحوالهم في الدنيا ، وقرأ [عاصم وحمزة والكسائي] : أو أن يظهر وقرأ [الباقون] بالواو فقط ويظهر بفتح الياء ورفع الفساد على الفاعلية وبضم الياء ونصب الفساد على المفعولية (وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ) الآية لما سمع موسى ما همّ به فرعون من قتله ، استعاذ بالله فعصمه الله منه ، وقال : من كل متكبر ليشمل فرعون وغيره ، وليكون فيه وصف لغير فرعون بذلك الوصف القبيح.
(وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) قيل : اسم هذا الرجل حبيب وقيل : حزقيل ، وقيل : شمعون بالشين المعجمة ، وروي أن هذا الرجل المؤمن كان ابن عم فرعون ، فقوله : من آل فرعون صفة للمؤمن ، وقيل : كان من بني إسرائيل ، فقوله : من آل فرعون على هذا يتعلق بقوله يكتم إيمانه ، والأول أرجح ؛ لأنه لا يحتاج فيه إلى تقديم وتأخير ، ولقوله : «فمن ينصرنا من بأس الله» لأن هذا كلام قريب شفيق ، ولأن بني إسرائيل حينئذ كانوا أذلاء ، بحيث لا يتكلم أحد منهم بمثل هذا الكلام ، و (أَنْ يَقُولَ) في موضع المفعول من أجله تقديره : أتقتلونه من أجل أن يقول ربي الله (وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ) أي إن كان
__________________
(١). الآية : [٢٠] قوله : والذين يدعون قرأها نافع : تدعون.